تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٠٦
وقد تقدم جوابه وأساء الفهم في الحديث كما أساء غيره ورابعها فتيا آخر ليس فيها طائل وكلهم خلط مع ذلك ما لا طائل تحته والأقرب أنها مختلفة وأن مثلها لا يصدر عن عالم وإنما ذكرتها هنا لتضمنها النقل عن الشيخ أبي محمد والقاضي عياض الذي تعرضت هنا لإفساده (تنبيه) قد يتوهم من استدلال الخصم بهذا الحديث إن نزاعه قاصر على السفر للزيارة دون أصل الزيارة وليس كذلك بل نزاعه في الزيارة أيضا لما سنذكره في الشبهتين الثانية والثالثة وهما كون الزيارة على هذا الوجه المخصوص بدعة وكونها من تعظيم غير الله المفضي إلى الشرك وما كان كذلك كان ممنوعا وعلى هاتين الشبهتين بنى كلامه وأصل الخيال الذي سرى إليه منهما لا غير وهو عام في الزيارة والسفر إليها ولهذا يدعي هو أن الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة بل موضوعة ويستدل بقوله لا تتخذوا قبري عيدا وبقوله لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وبأن هذا كله محافظة على التوحيد وأن أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد كما سنذكر ذلك في نص كلامه المنقول عنه وقد رأيت أيضا فتيا بخطه ونقلت منها ما أنا ذاكره قال فيها ومن خطه نقلت وأما السفر للتعريف عند بعض القبور فهذا أعظم من ذلك فإن هذا بدعة وشرك فإن أصل السفر لزيارة القبور ليس مشروعا ولا استحبه أحد من العلماء ولهذا لو نذر ذلك لم يجب عليه الوفاء به بلا نزاع بين الأئمة ثم قال ولهذا لم يكن أحد من الصحابة والتابعين بعد أن فتحوا الشام ولا قبل ذلك يسافرون إلى زيارة قبر الخليل عليه السلام ولا غيره من قبور الأنبياء التي بالشام ولا زار النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك ليلة أسري به والحديث الذي فيه هذا قبر أبيك إبراهيم فانزل فصل فيه وهذا بيت لحم مولد أخيك عيسى انزل فصل فيه كذب لا حقيقة له وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين سكنوا الشام أو دخلوا إليه ولم يسكنوه مع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»