تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٠٧
وغيره لم يكونوا يزورون شيئا من هذه البقاع والآثار المضافة إلى الأنبياء ثم قال ولم يتخذ الصحابة شيئا من آثاره مسجدا ولا مزارا غير ما بيناه من المساجد ولم يكونوا يزورون غار حراء ولا غار ثور ثم قال حتى إن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظ بزيارته وإنما صح عنه الصلاة عليه والسلام موافقة لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ثم قال ولهذا لم يكن على عهد الصحابة والتابعين مشهد يزار لا على قبر نبي ولا غير نبي فضلا عن أن يسافر إليه لا بالحجاز ولا بالشام ولا اليمن ولا العراق ولا مصر ولا المشرق * ثم قال ولهذا كانت زيارة القبور على وجهين زيارة شرعية وزيارة بدعية فالزيارة الشرعية مقصودها السلام على الميت والدعاء له إن كان مؤمنا وتذكر الموت سواء كان الميت مؤمنا أم كافرا وقال بعد ذلك فالزيارة لقبر المؤمن نبيا كان أو غير نبي من جنس الصلاة على جنازته يدعى له كما يدعى إذا صلى على جنازته * وأما الزيارة البدعية فمن جنس زيارة النصارى مقصودها الاشراك بالميت مثل طلب الحوائج منه أو به أو التمسح بقبره وتقبيله أو السجود له ونحو ذلك فهذا كله لم يأمر الله به ورسوله ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين ولا كان أحد من السلف يفعله لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره ثم قال ولم يكونوا يقسمون على الله بأحد من خلقه لا نبي ولا غيره ولا يسألون ميتا ولا غائبا ولا يستغيثون بميت ولا غائب سواء كان نبيا أو غير نبي بل كان فضلاؤهم لا يسألون غير الله شيئا انتهى ما أردت نقله من كلام ابن تيمية رحمه الله من خطه وأنا عارف بخطه وهو يدل على ما ذكرناه من أن نزاعه في السفر والزيارة جميعا غير أنه كلام مختبط في صدره ما يقتضي منع الزيارة مطلقا وفي آخره ما يقتضي أنها إن كانت للسلام عليه والدعاء له جازت وإن كانت على النوع الآخر الذي ذكره لم يجز وبقي قسم لم يذكره وهو أن تكون للتبرك به من غير إشراك به فهذه ثلاثة أقسام أولها السلام
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»