تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١١٣
المطلق عين الابتداع وأما الشبهة الثالثة وهي إن من أصول الشرك بالله تعالى اتخاذ القبور مساجد كما قال طائفة من السلف في قوله تعالى وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا قالوا كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا على صورهم تماثيل ثم طال عليهم الأمد فعبدوها وتخيل ابن تيمية أن منع الزيارة والسفر إليها من باب المحافظة على التوحيد وأن فعلها مما يؤدي إلى الشرك وهذا تخيل باطل لأن اتخاذ القبور مساجد والعكوف عليها وتصوير الصور فيها هو المؤدي إلى الشرك وهو الممنوع منه كما ورد في الأحاديث الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا وقوله صلى الله عليه وسلم لما أخبر بكنيسة بأرض الحبشة أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله وأما الزيارة والدعاء والسلام فلا تؤدي إلى ذلك ولهذا شرعه الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ثبت من الأحاديث المتقدمة عنه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتواتر ذلك وإجماع الأمة عليه فلو كانت زيارة القبور من التعظيم المؤدي إلى الشرك كالتصوير ونحوه لم بشرعها الله تعالى في حق أحد من الصالحين ولا فعلها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في حق شهداء أحد والبقيع وغيرهم وليس لنا أن نحرم إلا ما حرمه الله وإن تخيلنا أنه يقضي إلى محذور ولا نبيح إلا ما أباحه الله وإن تخيلنا أنه لا يفضي إلى محذور ولما أباح الزيارة وشرعها وسنها رسوله وحظر اتخاذ القبور مساجد وتصوير الصور عليها قلنا بإباحة لزيارة ومشروعيتها وتحريم اتخاذ القبور مساجد والتصوير فمن قاس الزيارة على التصوير في التحريم كان مخالفا للنص كما أن شخصا لو قال بإباحة اتخاذ القبور مساجد إذا لم يفض إلى الشرك كان مخالفا للنص أيضا والوسائل
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»