تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٠٠
أو غاية وعلة من باب تخصيص العام بأحد حاليه لأن غاية السفر قد يكون هو العلة وقد لا يكون فيكون المراد النوع الأول وهو ما يكون علة مع كونه غاية ومعنى كونه علة أنه يسافر لتعظيمها أو للتبرك بالحلول فيها أو بأن يوقع فيها عبادة من العبادات التي يمكنه إيقاعها في غيرها من حيث إن إيقاعها فيها أفضل من إيقاعها في غيرها وكل ذلك إنما ينشأ من اعتقاد فضل في البقعة زائد على غيرها فنهى عن ذلك إلا في المساجد الثلاثة وهذا هو المراد وغيرها من الأماكن والمساجد لا يؤتي إلا لغرض خاص لا يوجد في غيره كالثغر للرباط الذي لا يوجد في غيره وعلى هذا التقدير أيضا المسافر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل في الحديث لأنه لم يسافر لتعظيم البقعة وإنما سافر لزيارة من فيها كما لو كان حيا وسافر إليه فيها أو في غيرها فإنه لا يدخل في هذا العموم قطعا وملخص ما قلناه على طوله أن النهي عن السفر مشروط بأمرين (أحدهما) أن يكون غايته غير المساجد الثلاثة (والثاني) أن يكون علته تعظيم البقعة والسفر لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم غايته أحد المساجد الثلاثة وعلته تعظيم ساكن البقعة لا البقعة فكيف يقال بالنهي عنه بل أقول إن للسفر المطلوب سببين (أحدهما) ما يكون غايته أحد المساجد الثلاثة (والثاني) ما يكون لعبادة وإن كان إلى غيرها والسفر لزيارة المصطفى صلى الله عليه وسلم اجتمع فيه الأمران فهو في الدرجة العليا من الطلب ودونه ما وجد فيه أحد الأمرين وإن كان السفر الذي غايته أحد الأماكن الثلاثة لا بد في كونه قربة من قصد صالح وأما السفر لمكان غير الأماكن الثلاثة لتعظيم ذلك المكان فهو الذي ورد فيه الحديث ولهذا جاء عن بعض التابعين أنه قال قلت لابن عمر إني أريد أن آتي الطور قال إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى ودع الطور فلا تأته وفي مثل هذا تكلم الفقهاء في شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة فنقل إمام الحرمين عن شيخه أنه كان
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»