تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٨٩
مصلحة ولا يفعل إلا على وجه التوصل به إلى غيره كالمشي ونحوه فهذا لا يقع غالبا إلا على وجه الوسيلة فيكون بحسب ما يقصد به إن قصد به حرام كان حراما أو مباح كان مباحا أو قربة كان قربة وإن وقع من المكلف لا بقصد أصلا كان عبثا فيكون مكروها ولا نزاع في هذا القسم أنه إذا قصد به القربة كان قربة وهو القسم الذي نحن بصدده وتصدينا لتقرير كونه قربة " ورابعها " ما وضع مباحا مقصودا لتحصيل المصالح الدنيوية كالأكل والشرب والنوم لمصلحة الأبدان فهذا إن حصل بغير نية أو بنية دنيوية كان مستوى الطرفين وإن حصل بنية دينية حصل الأجر إما على النية وحدها كما ذكره بعض العلماء وإما على النية مع الفعل وهو الحق لما سبق وهذا القسم الرابع أخفض رتبة من الوسيلة كما أن الوسيلة أخفض رتبة من القسمين الأولين فقد تقرر بهذا أن وسيلة القربة قربة والسفر لقصد الزيارة وسيلة إليها فيكون قربة (فإن قلت) قد يقول الخصم الزيارة قربة في حق القريب خاصة أما البعيد الذي يحتاج إلى سفر فلا وحينئذ لا يكون السفر إليها وسيلة إلى قربة في حقه وإنما تكون الوسيلة قربة إذا كانت يتوصل بها إلى قربة مطلوبة من ذلك الشخص المتوسل (قلت) الزيارة قربة مطلقا في حق القريب والبعيد فإن الأدلة الدالة عليها غير مفصلة ومن ادعى تخصيص العام بغير دليل قطعنا بخطئه (فإن قلت) فالصلاة مطلقا قربة والسفر إليها ليس بقربة إلا إلى المساجد الثلاثة (قلت) قد يكون الشئ قربة وانضمامه إلى غيره ليس بقربة فالصلاة في نفسها قربة وكونها في مسجد بعينه غير الثلاثة ليس بقربة فالسفر إليه وسيلة إلى ما ليس بقربة (فإن قلت) لو كانت وسيلة القربة قربة مطلقا لكان النذر قربة لأنه وسيلة إلى إيقاع العبادة واجبة والواجب أفضل من النفل والنذر مكروه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل (قلت) جعل النفل فرضا ليس بقربة بل هو مكروه لما فيه
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»