تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٩٢
فيكون قربة وقد يفعل لا بقصد القربة فلا يكون قربة فمن مشى إلى مكة لمقصد غير صالح ثم حج لم يكن سفره قربة ولكن سقط عنه إلا أمر بالمقدمة لزوال السبب المقتضي لوجوبها * وأما الوسيلة فقال الجوهري الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير والجمع الوسل والوسائل والتوسيل والتوسل واحد يقال وسل فلان إلى ربه وسيلة وتوسل إليه بوسيلة إذا تقرب إليه بعمل * انتهى كلام الجوهري * فاسم الوسيلة إذا أطلق على المقدمة فهو من حيث كونها يتقرب بها لا من حيث كونها متوقفا عليها بل قد يكون المقصد متوقفا على الوسيلة بعينها فيجري في وجوبها الخلاف السابق وقد لا يتوقف المقصد عليها بعينها بل على ما هو أعم منها ويختارها العبد للتوسل بها وقد لا يتوقف المقصد عليها أصلا في نفس الأمر ولكن يقصد العبد أو يتوهم توقفه أو خطر بباله أنها موصلة إليه ولم يخطر بباله أمر آخر ففي كل هذه الأحوال تسمى وسيلة وقربة لا يجري فيها الخلاف الأصولي * فالوسيلة لا تطلق على المقدمة حتى يقصد بها التقرب إلى المقصود ولا تسمى وسيلة بدون هذا القصد إلا على سبيل المجاز بمعنى أنها صالحة للتوسل ومراد الأصوليين بالمقدمة ما يتوقف عليها الشئ سواء أقصد بها التوصل إليه أم لا فبينهما عموم وخصوص من وجه ولو سلمنا أن الوسيلة مرادفة للمقدمة فلا شك أنها لا تكون قربة حتى يقصد بها التقرب إلى قربة فمرادنا بقولنا وسيلة القربة قربة هذا المعنى ومن ههنا يظهر أن كون الشئ قربة غير كونه واجبا ومندوبا فإن الحكم بالإيجاب أو الندب إنما هو على الماهية الكلية وكل ما وجد في الخارج مشخص لا يتعلق الطلب به بخصوصه فلا بحكم عليه بخصوصه بأنه واجب لكنه مؤد للواجب في ضمنه والحكم بكون الشئ قربة تارة يكون باعتبار حقيقته وهو ما وضع لأن يتقرب به فيكون كذلك وتارة يكون باعتبار ما قصد به التقرب فيطلق على الفعل بعد تشخصه إذا عرف ذلك فههنا اعتبارات * أحدها مطلق السفر * والثاني السفر
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»