من الخطر والتعرض للإثم بتقدير الترك ووقوع العبادة ممكن بغير النذر فلم يحصل بالنذر إلا التعرض للخطر والحرج على أنا نقول إن وسيلة القربة قربة من حيث هي موصلة لذلك المطلوب وقد يقترن بها أمر عارض يخرجها عن ذلك كمن مشى إلى الصلاة في طريق مغصوب والمدعي أن الفعل إذا كان مباحا ولم يقترن به إلا قصد القربة به كان قربة وهذا لا يستثني منه شئ (فإن قلت) كيف تجزمون بهذا وقد اشتهر خلاف الأصوليين في أن الأمر بالشئ أمر بما لا يتم إلا به أولا ومقتضى ذلك أن يجري خلاف في أن وسيلة المندوب هل هي مندوبة أو لا (قلت) سنبين في آخر الكلام إن كون الفعل قربة أعم من كونه مأمورا به ونبدأ أولا بالكلام على كون هذا السفر مأمورا به أمر ندب فنقول ما لا يتم المأمور به إلا به ينقسم إلى شرط في وجوده وإلى ما هو تابع يشترط للعلم بوجوده كغسل جزء من الرأس للعلم بغسل الوجه والخلاف في القسم الثاني قوي وليس مما نحن فيه وأما القسم الأول وهو ما كان شرطا أو سببا لوجود المأمور به كالذي نحن فيه ونعبر عنه بالمقدمة فالجمهور على أنه مأمور به واجب لوجوب المقصد وخالف في ذلك فريقان من الأصوليين فرقة خالفوا في الشرط ولم يخالفوا في السبب وفرقة خالفوا في الشرط والسبب جميعا وربما نقل الخلاف في ذلك عن الواقفية وأنهم لم يجزموا في ذلك بشئ بل توقفوا على عادتهم وربما نقل الجزم بعدم الوجوب وكلا القولين إن أخذ بالنسبة إلى دلالة اللفظ وإن دلالة لفظ الأمر بالمقصود قاصرة عن دلالته على الأمر بالمقدمة فيسهل الأمر فيه ولا يمنع عدم دلالة غيره ولا ينفي ذلك كون مقدمة المأمور به مأمورا بها لدليل عقلي وإن أخذ بالنسبة إلى أنه إذا ترك يعاقب على ترك المقصد خاصة ولا يعاقب على ترك المقدمة فقريب أيضا ولكنه إنما يبقى الوجوب لا الندب وكلامنا في الندب وإن أخذ بالنسبة إلى أن المشروط الذي ورد الأمر به مطلقا
(٩٠)