تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ٩١
لا يجب إلا عند وجود شرطه كما صرح به بعض متأخري الأصوليين فهذا قول باطل لم يتحقق القول به عن أحد من الأئمة المعتمد على كلامهم وقواعد الشريعة تقطع ببطلانه ولا شك أن الأئمة المعتبرين الذين هم أئمة الفتيا على خلافه ومستند من فرق بين السبب والشرط إن إيجاب المسبب لو كان مقيدا بحال وجود السبب لكان إيجابا لتحصيل الحاصل لأن المسبب حاصل مع السبب بخلاف الشرط وقد أطلنا في ذلك والمقصود أن الزيارة إذا كانت مندوبة في حق البعيد والسفر شرط لها كان مندوبا وهذا لم يحصل فيه نزاع بين العلماء * فإن قلت * هل يقولون إن كل سفر للزيارة مندوب أو مطلق السفر لها * قلت * قد تقرر في أصول الفقه أن الأمر بالماهية الكلية ليس أمرا بشئ من جزئياتها ولكنه مأمور بجزئي من الجزئيات لا بعينه لأنه لا يتحقق الإتيان بالكلي بدونه وهو مخير في تعيين ذلك الجزئي فإذا أتى بجزئي معين خرج عن عهدة الأمر ونقول إنه أتى بالمأمور به وهو الكلي والجزئي لا بعينه وأما هذا الجزئي المعين فلا نقول إنه مأمور به لأنه مخير فيه ولكنه قربة وطاعة لأنه فعل لامتثال الأمر فكل سفر يقع بقصد الزيارة ولم يقترن به قصد محرم أو مكروه فهو قربة لكونه موصلا إلى قربة وبه يحصل أداء السفر المأمور به لأنه حاصل في ضمن ذلك المشخص ولا نقول إن ذلك المشخص هو المأمور به لأن الأمر إنما يتعلق بكلي وهذا جزئي لكنه قربة لكونه قصد به القربة ووسيلة إليها فالفربة تصدق على الكلي والجزئي والطلب لا يتعلق إلا بكلي والسفر المعين وسيلة إلى الزيارة وليس شرطا فيها ومطلق السفر للزيارة وسيلة وشرط ومطلق السفر شرط وقد لا يقصد به التوسل فلا يسمى وسيلة * فإن قلت * هل المقدمة هي الوسيلة أو غيرها * قلت * المقدمة ما يتوقف عليها الشئ وقد علمت خلاف الأصوليين في أنها هل تجب بوجوب ذلك الشئ أو لا وذلك خارج عن كونها قربة أو ليست بقربة فإن الذي يتوقف عليه الفعل قد يفعل بقصد القربة
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»