صحيح أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم مرحومة، ولن ينقطع الخير منها، لكن قل أهل الخير، الذين يتفقدون أحوال أهل البيت ويسدون ثغراتهم، ويلبون حاجاتهم، ويراعون حرماتهم، واشتغل الناس - إلا من رحم ربك - بدنياهم حتى عن أقاربهم، فضلا عن آل البيت.
ولكن الدين يسر، والاستطاعة شرط في التكليف، (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، والضرورات تبيح المحظورات، وقد علق سيدنا عمر رضي الله عنه حد القطع في عام الرمادة، ووافقه على ذلك الصحابة الذين يبلغون رسالات الله، ويخشونه، ولا يخشون أحدا إلا الله، حتى قال أحدهم لعمر رضي الله عنه: (والله إن اعوججت، لنقومن اعوجاجك بسيوفنا...).
وفي ضوء هذا التشريح الإسلامي الحكيم الذي يراعي الظروف، ولا يميل مع الأهواء، أفتى كثير من العلماء المرموقين بحل الزكاة لآل البيت - فقرائهم دون أغنيائهم بطبيعة الحال...
ففي شرح منح الجليل على مختصر خليل، لعليش المالكي:
ومحل عدم إعطاء بني هاشم إذا كانوا أغنياء أو أعطوا ما يكفيهم من بيت المال فإن لم يعطوا شيئا منه أو أعطوا منه ما لا يكفيهم وأضرهم الفقر، فإعطاؤهم أفضل من إعطاء غيرهم، وإن لم يصلوا إلى إباحة أكل الميتة خلافا للباجي صيانة لهم عن خدمة ذمي أو ظالم أو اكتسب حرام كمكس. (ج 1 ص 370).
وفي جواهر الإكليل على مختصر خليل مثله معللا ب (صيانة لهم عن تعاطي الأمور الخسيسة. ص 138).
ونص كلام الخطاب عند قول خليل أو حرمة الصدقتين عليه وعلى آله.
قال: وعلى آله بني هاشم فقط ولو من بعضهم لبعض، والمعتمد عدم حرمة التطوع على الآل، ومحل حرمة الفرض إن أعطوا من الفيئ ما يستحقونه وإلا جاز إن أضر الفقر بهم، وإن لم يصلوا إلى حل أكل الميتة.