لما صادفت من يقدر * * أن يسعد أو يشقي ووقف على بابه يوما أعرابي فقرعه وهو ينشد:
لم يخب اليوم من رجاك ومن * * حرك من خلف بابك الحلقة وكان الحسين ساعتها يصلي، فخفف من صلاته وخرج إليه، فوجد عليه أثر الفاقة والحاجة، فنادى الحسين رضي الله عنه على غلامه وسأله، ماذا تبقى معك من نفقتنا. فقال غلامه مائتا درهم أمرتني بتفريقها في أهل بيتك، فقال الحسين رضي الله عنه:
" هاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم " ثم أعطاها للأعرابي معتذرا له عن قلتها - فأنشد الأعرابي:
مطهرون نقيات جيوبهم * * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا وأنتمو أنتم الأعلون عندكم * * علم الكتاب وما جاءت به السور ولقد تحمل عن أسامة بن زيد دينه الذي بلغ ستين ألفا حين وجده مهموما وهو مريض يخشى أن يموت قبل سداده، فأداها عنه. ولقد قدمت إليه إحدى جواريه مرة، طاقة من الريحان محيية له فكانت مكافأته لها أن قال لها أنت حرة لوجه الله - وكان أنس بن مالك حاضرا فقال له - جارية تجيئك بطاقة من الريحان فتعتقها؟ فقال له الحسين رضي الله عنه: كذا أدبنا الله فقال تبارك وتعالى:
(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) وكان أحسن منها عتقها.
ومن أدبه وسماحة خلقه أنه وقعت جفوة بينه وبين أخيه محمد بن الحنفية فكتب ابن الحنفية إليه:
(بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن علي بن أبي طالب إلى الحسين بن علي بن أبي طالب.. أما بعد: فإن لك شرفا لا أبلغه، وفضلا