شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٦٠
ان الشعراء يتبعهم الغاوون والغاوي الذي يتبع هواه وشهوته وان كان ذلك مضرا له في العاقبة فمن عرف الرسول وصدقه ووفاءه ومطابقة قوله لعمله علم علما يقينا انه ليس بشاعر ولا كاهن والناس يميزون بين الصادق والكاذب بأنواع من الأدلة حتى في المدعى للصناعات والمقالات كمن يدعي الفلاحة والنساجة والكتابة وعلم النحو والطب والفقه وغير ذلك والنبوة مشتملة على علوم وأعمال لا بد أن يتصف الرسول بها وهي أشرف العلوم وأشرف الاعمال فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب ولا ريب أن المحققين على أن خبر الواحد والاثنين والثلاثة قد يقترن به من القرائن ما يحصل معه العلم ضروري كما يعرف الرجل رضى الرجل وحبه وبغضه وفرحه وحزنه وغير ذلك مما في نفسه بأمور تظهر على وجهه قد لا يمكن التعبير عنها كما قال تعالى * (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم) * ثم قال * (ولتعرفنهم في لحن القول) * وقد قيل ما أسر أحد سريرة الا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه فإذا كان صدق المخبر وكذبه يعلم بما يقترن من القرائن فكيف بدعوى المدعي أنه رسول الله كيف يخفى صدق هذا من كذبه وكيف لا يتميز الصادق في ذلك من الكاذب بوجوه من الأدلة ولهذا لما كانت خديجة رضي الله عنها تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم أنه الصادق البار قال لها لم جاءه الوحي إني قد خشيت على نفسي
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»