شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٢٤
لما نفى الشيخ رحمه الله التشبيه أشار إلى ما تقع به التفرقة بينه وبين خلقه بما يتصف به تعالى دون خلقه فمن ذلك أنه حي لا يموت لأن صفة الحياة الباقية مختصة به تعالى دون خلقه فإنهم يموتون ومنه أنه قيوم لا ينام إذ هو مختص بعدم النوم والسنة دون خلقه فإنهم ينامون وفي ذلك إشارة إلى أن نفي التشبيه ليس المراد منه الصفات بل هو سبحانه موصوف بصفات الكمال لكمال ذاته فالحي بحياة باقية لا يشبه الحي بحياة زائلة ولهذا كانت الحياة الدنيا متاعا ولهوا ولعبا وان الدار الآخرة لهم الحيوان فالحياة الدنيا كالمنام والحياة الآخرة كاليقظة ولا يقال فهذه الحياة الآخرة كاملة وهي للمخلوق لأنا نقول الحي الذي الحياة من صفات ذاته اللازمة لها هو الذي وهب المخلوق تلك الحياة الدائمة فهي دائمة بإدامة الله لها لا أن الدوام وصف لازم لها لذاتها بخلاف حياة الرب تعالى وكذلك سائر صفاته فصفات الخالق كما يليق به وصفات المخلوق كما يليق به وأعلم أن هذين الاسمين أعني الحي القيوم مذكوران في القرآن معا في ثلاث سور كما تقدم وهما من أعظم أسماء الله الحسنى حتى قيل إنهما الاسم الأعظم فإنهما يتضمنان اثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه ويدل القيوم على معنى الأزلية والأبدية ما لا يدل عليه لفظ القديم ويدل أيضا على كونه موجودا بنفسه وهو معنى كونه واجب الوجود والقيوم أبلغ من القيام لان الواو أقوى من الألف ويفيد قيامه بنفسه باتفاق المفسرين وأهل اللغة وهو معلوم بالضرورة وهل تفيد اقامته لغيره وقيامه عليه فيه قولان أصحهما أنه يفيد ذلك وهو يفيد دوام قيامه وكل قيامه لما فيه من المبالغة فهو سبحانه
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»