شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٢٥
لا يزول و لا يأفل فان الافل قد زال قطعا أي لا يغيب ولا ينقص ولا يفنى ولا يعدم بل هو الدائم الباقي الذي لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الكمال واقترانه بالحي يستلزم سائر صفات الكمال ويدل على دوامها وبقائها وانتفاء النقص والعدم عنها أزلا وأبدا ولهذا كان قوله * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * أعظم آية في القرآن كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى هذين الاسمين مدار الأسماء الحسنى كلها واليهما ترجع معانيها فان الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال فلا يتخلف عنها صفة منها الا لضعف الحياة فإذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها استلزم اثباتها اثبات كل كمال يضاد نفيه كمال الحياة وأما القيوم فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته فإنه القائم بنفسه فلا يحتاج إلى غيره بوجه من الوجوه المقيم لغيره فلا قيام لغيره الا بإقامته فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال أتم انتظام قوله خالق بلا حاجة رازق بلا مؤنة ش قال تعالى * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) * * (أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) * * (والله الغني وأنتم الفقراء) * * (قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم) * وقال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وانسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»