شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٣٥
بحيث لا يكون في أجزاء العالم شئ يقارنه بوجه من الوجوه وأما دوام الفعل فهو أيضا من الكمال فان الفعل إذا كان صفة كمال فدوامه دوام كمال قالوا والتسلسل لفظ مجمل لم يرد بنفيه ولا اثباته كتاب ولا سنة ليجب مراعاة لفظه وهو ينقسم إلى واجب وممتنع وممكن فالتسلسل في المؤثرين محال ممتنع لذاته وهو أن يكون مؤثرون كل واحد منهم استفاد تأثيره مما قبله لا إلى غاية والتسلسل الواجب ما دل عليه العقل والشرع من دوام أفعال الرب تعالى في الأبد وانه كلما انقضى لأهل الجنة نعيم احدث لهم نعيما آخر لا نقاد له وكذلك التسلسل في أفعاله سبحانه من طرف الأزل وأن كل فعل مسبوق بفعل آخر فهذا واجب في كلامه فإنه لم يزل متكلما إذا شاء ولم تحدث له صفة الكلام في وقت وهكذا أفعاله التي هي من لوازم حياته فان كل حي فعال والفرق بين الحي والميت الفعل ولهذا قال غير واحد من السلف الحي الفعال وقال عثمان بن سعيد كل حي فعال ولم يكن ربنا تعالى قط في وقت من الأوقات معطلا عن كماله من الكلام والإرادة والفعل وأما التسلسل الممكن فالتسلسل في مفعولاته من هذا الطرف كما تتسلسل في طرف الأبد فإنه إذا لم يزل حيا قادرا مريدا متكلما وذلك من لوازم ذاته فالفعل ممكن له بموجب هذه الصفات له وأن يفعل أكمل من أن لا يفعل ولا يلزم من هذا أنه لم يزل الخلق معه فإنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدما لا أول له فلكل مخلوق أول والخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق كائن بعد أن لم يكن قالوا وكل قول سوى هذا فصريح العقل يرده ويقضي ببطلانه
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»