يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن قال طائفة من السلف من انحرف من العلماء ففيه شبه من اليهود ومن انحرف من العباد ففيه شبه من النصارى فلهذا تجد أكثر المنحرفين من أهل الكلام من المعتزلة ونحوهم فيه شبه من اليهود حتى أن علماء اليهود يقرؤون كتب شيوخ المعتزلة ويستحسنون طريقتهم وكذا شيوخ المعتزلة يميلون إلى اليهود ويرجحونهم على النصارى وأكثر المنحرفين من العباد من المتصوفة ونحوهم فيهم شبه من النصارى ولهذا يميلون إلى نوع من الرهبانية والحلول والاتحاد ونحو ذلك وشيوخ هؤلاء يذمون الكلام وأهله وشيوخ أولئك يعيبون طريقة هؤلاء ويصنفون في ذم السماع والوجد وكثير من الزهد والعبادة التي أحدثها هؤلاء ولفرق الضلال في الوحي طريقتان طريقة التبديل وطريقة التجهيل أما أهل التبديل فهم نوعان أهل الوهم والتخييل وأهل التحريف والتأويل فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون أن الأنبياء أخبروا عن الله واليوم الآخر والجنة والنار بأمور غير مطابقة للأمر في نفسه لكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن الله شيء عظيم كبير وأن الأبدان تعاد وأن لهم نعيما محسوسا وعقابا محسوسا وإن كان الأمر ليس كذلك لأن مصلحة الجمهور في ذلك وان كان كذبا فهو كذب لمصلحة الجمهور وقد وضع ابن سينا وأمثاله قانونهم على هذا الأصل
(٥٩٥)