شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥٩٤
وفي المعنى أخرى فلبسوا الحق بالباطل وكتموا حقا جاء به نبيهم فتفرقوا واختلفوا وتكلموا حينئذ في الجسم والعرض والتجسيم نفيا واثباتا وسبب ضلال هذه الفرق وأمثالهم عدولهم عن الصراط المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه فقال تعالى * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * وقال تعالى * (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) * فوحد لفظ صراطه وسبيله وجمع السبل المخالفة له وقال ابن مسعود رضي الله عنه خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وقال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره وقال هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو اليه ثم قرأ * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) * ومن هنا يعلم أن اضطرار العبد إلى سؤال هداية الصراط المستقيم فوق كل ضرورة ولهذا شرع الله تعالى في الصلاة قراءة أم القرآن في كل ركعة اما فرضا أو ايجابا على حسب اختلاف العلماء في ذلك لإحتياج العبد إلى هذا الدعاء العظيم القدر المشتمل على أشرف المطالب وأجلها فقد أمرنا الله تعالى أن نقول * (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا
(٥٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 » »»