رد عليهم ما احتجوا به عليه وبين أنه لا حجة لهم في شيء من ذلك وأن طلبهم من الناس أن يوافقوهم وامتحانهم إياهم جهل وظلم وأراد المعتصم اطلاقه أشار عليه من أشار بان المصلحة ضربه لئلا تنكسر حرمة الخلافة من بعد مرة فلما ضربوه قامت الشناعة في العامة وخافوا فأطلقوه وقصته مذكورة في كتب التاريخ ومما انفرد به جهم أن الجنة والنار تفنيان وأن الإيمان هو المعرفة فقط والكفر هو الجهل فقط وأنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلا لله وحده وأن الناس إنما تنسب إليهم أفعالهم على سبيل المجاز كما يقال تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس ولقد أحسن القائل * عجبت لشيطان دعا الناس جهرة * إلى النار واشتق اسمه من جهنم * وقد نقل أن أبا حنيفة رحمه الله لما سئل عن الكلام في الأعراض والأجسام فقال لعن الله عمرو بن عبيد هو فتح على الناس الكلام في هذا والجبرية أصل قولهم من جهم بن صفوان كما تقدم وأن فعل العبد بمنزلة طوله ولونه وهم عكس القدرية نفاه القدرة فإن القدرية إنما نسبوا إلى القدر لنفيهم إياه كما سميت المرجئة لنفيهم الإرجاء وأنه لا أحد مرجأ لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وقد تسمى الجبرية قدرية لأنهم غلوا في إثبات القدر وكما يسمى الذين لا يجزمون بشيء من الوعد والوعيد بل يغلون في إرجاء كل امر حتى الأنواع فلا يجزمون بثواب من تاب كما لا يجزمون بعقوبة من لم يتب وكما لا يجزم لمعين وكانت المرجئة الأولى يرجئون عثمان وعليا ولا يشهدون بإيمان ولا كفر وقد ورد في ذم القدرية أحاديث في السنن منها ما روى أبو داود في سننه من حديث عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه
(٥٩٢)