شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥١٨
بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له فيه وهذا سأله عن الصوم عنه فأذن له فيه ولم يمنعهم مما سوى ذلك وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك وبين وصول ثواب القراءة والذكر فإن قيل ما تقولون في الإهداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل من المتأخرين من استحبه ومنهم من رآه بدعة لأن الصحابة لم يكونوا يفعلونه ولأن النبي صلى الله عليه وسلم له مثل أجر كل من عمل خيرا من أمته من غير أن ينقص من أجر العامل شيء لأنه هو الذي دل أمته على كل خير وارشدهم اليه ومن قال إن الميت ينتفع بقراءة القرآن عنده باعتبار سماعه كلام الله فهذا لم يصح عن أحد من الأئمة المشهورين ولا شك في سماعه ولكن انتفاعه بالسماع لا يصح فإن ثواب الاستماع مشروط بالحياة فإنه عمل اختياري وقد انقطع بموته بل ربما يتضرر ويتألم لكونه لم يمتثل أوامر الله ونواهيه أو لكونه لم يزدد من الخير واختلف العلماء في قراءة القرآن عند القبور على ثلاثة أقوال هل تكره أم لا بأس بها وقت الدفن وتكره بعده فمن قال بكراهتها كأبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية قالوا لأنه محدث لم ترد به السنة والقراءة تشبه الصلاة والصلاة عند القبور منهي عنها فكذلك القراءة ومن قال لا بأس بها كمحمد بن الحسن وأحمد في رواية استدلوا بما نقل عن ابن عمر رضي الله عنه أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة وخواتمها ونقل أيضا عن بعض المهاجرين قراءة سورة البقرة ومن قال لا بأس بها وقت الدفن فقط وهو رواية عن أحمد اخذ بما نقل عن ابن عمر وبعض المهاجرين وأما بعد ذلك كالذين يتناوبون القبر للقراءة عنده فهذا مكروه فإنه لم تأت به السنة ولم ينقل عن أحد من السلف مثل
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»