شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٥١٥
سعيه بل دخول المسلم مع جملة المسلمين في عقد الاسلام من أعظم الأسباب في وصول تقع كل من المسلمين إلى صاحبه في حياته وبعد مماته ودعوة المسلمين تحيط من ورائهم يوضحه أن الله تعالى جعل الإيمان سببا لانتفاع صاحبه بدعاء إخوانه من المؤمنين وسعيهم فإذا أتى به فقد سعى في السبب الذي يوصل اليه ذلك الثاني وهو أقوى منه أن القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفى ملكه لغير سعيه وبين الأمرين فرق مالا يخفى فأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أن يبقيه لنفسه وقوله سبحانه * (ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) * آيتان محكمتان مقتضيتان عدل الرب تعالى فالأولى تقتضي أنه لا يعاقب أحدا بجرم غيره ولا يؤاخذه بجريرة غيره كما يفعله ملوك الدنيا والثانية تقتضي أنه لا يفلح إلا بعمله لينقطع طمعه من نجاته بعمل آبائه وسلفه ومشايخه كما عليه أصحاب الطمع الكاذب وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى وكذلك قوله تعالى * (لها ما كسبت) * وقوله * (ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) * على أن سياق هذه الآية يدل على أن المنفي عقوبة العبد بعمل غيره فإنه تعالى قال * (فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) * وأما استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله فاستدلال ساقط فإنه لم يقل انقطاع انتفاعه وإنما أخبر عن انقطاع عمله وأما عمل غيره فهو لعامله فإن وهبه له
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 510 511 512 513 514 515 516 517 518 519 520 ... » »»