حنيفة المتأخرين وانظر إلى فروض الكفايات كيف قام فيها البعض عن الباقين ولأن هذا اهداء ثواب وليس من باب النيابة كما أن الأجير الخاص ليس له أن يستنيب عنه وله أن يعطي أجرته لمن شاء وأما استئجار قوم يقرؤون القرآن ويهدونه للميت فهذا لم يفعله أحد من السلف ولا أمر به أحد من أئمة الدين ولا رخص فيه والاستئجار على نفس التلاوة غير جائز بلا خلاف وإنما اختلفوا في جواز الاستئجار على التعليم ونحوه مما فيه منفعة تصل إلى الغير والثواب لا يصل إلى الميت إلا إذا كان العمل لله وهذا لم يقع عبادة خالصة فلا يكون له من ثوابه ما يهدي إلى الموتى ولهذا لم يقل أحد أنه يكتري من يصوم ويصلي ويهدي ثواب ذلك إلى الميت لكن إذا أعطى لمن يقرأ القرآن ويعلمه ويتعلمه معونة لأهل القرآن على ذلك كان هذا من جنس الصدقة عنه فيجوز وفي الاختيار لو أوصى بأن يعطي شيء من ماله لمن يقرأ القرآن على قبره فالوصية باطلة لأنه في معنى الأجرة انتهى وذكر الزاهدي في الغنية أنه لو وقف على من يقرأ عند قبره فالتعيين باطل وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة فهذا يصل اليه كما يصل ثواب الصوم والحج فإن قيل هذا لم يكن معروفا في السلف ولا أرشدهم اليه النبي صلى الله عليه وسلم فالجواب إن كان مورد هذا السؤال معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء قيل له ما الفرق بين ذلك وبين وصول ثواب قراءة القرآن وليس كون السلف لم يفعلوه حجة في عدم الوصول ومن أين لنا هذا النفي العام فإن قيل فرسول الله صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى الصوم والحج والصدقة دون القراءة قيل هو صلى الله عليه وسلم لم يبتدئهم بذلك
(٥١٧)