فقد أخبر الصادق المصدوق أنه لا بد في الدعوة الخالية عن العدوان من إعطاء السؤال معجلا أو مثله من الخير مؤجلا أو يصرف عنه من السوء مثله الجواب الثالث أن الدعاء سبب مقتض لنيل المطلوب والسبب له شروط وموانع فإذا حصلت شروطه وانتفت موانعه حصل المطلوب وإلا فلا يحصل ذلك المطلوب بل قد يحصل غيره وهكذا سائر الكلمات الطيبات من الأذكار المأثورة المعلق عليها جلب منافع أو دفع مضار فإن الكلمات بمنزلة الآلة في يد الفاعل تختلف باختلاف قوته وما يعنيها وقد يعارضها مانع من الموانع ونصوص الوعد والوعيد المتعارضة في الظاهر من هذا الباب وكثيرا ما تجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله أو حسنة تقدمت منه جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكر الحسنة أو صادف وقت إجابة ونحو ذلك فإجيبت دعوته فيظن أن السر في ذلك الدعاء فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي فانتفع به فظن آخر أن استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب وكان غالطا وكذا قد يدعوا باضطرار عند قبر فيجاب فيظن أن السر للقبر ولم يدر أن السر للاضطرار وصدق اللجء إلى الله تعالى فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله تعالى كان أفضل وأحب إلى الله تعالى فالأدعية والتعوذات والرقي بمنزلة السلاح والسلاح بضاربه لا بحده فقط فمتى كان السلاح سلاحا تاما والساعد ساعدا قويا والمحل قابلا والمانع مفقودا حصلت به النكاية في العدو ومتى تخلف واحد من هذه الثلاث تخلف التأثير فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح أو الداعي لم يجمع بين
(٥٢٣)