شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٨٧
ومعرفته وعقله هواه وشهوته فيلتحق بالملائكة وصنفا عكسه فيلتحق بالشياطين وصنفا تغلب شهوته البهيمية عقله فيلتحق بالبهائم والمقصود أنه سبحانه أعطى الوجودين العيني والعلمي فكما أنه لا موجود إلا بإيجاده فلا هداية إلا بتعليمه وذلك كله من الأدلة على كمال قدرته وثبوت وحدانيته وتحقيق ربوبيته سبحانه وتعالى وقوله فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه ومن شاء منهم إلى النار عدلا منه إلخ مما يجب ان يعلم أن الله تعالى لا يمنع الثواب إلا إذا منع سببه وهو العمل الصالح فإنه * (ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) * وكذلك لا يعاقب أحدا إلا بعد حصول سبب العقاب فإن الله تعالى يقول * (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) * وهو سبحانه المعطي المانع لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع لكن إذا من على الإنسان بالإيمان والعمل الصالح فلا يمنعه موجب ذلك أصلا بل يعطيه من الثواب والقرب مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وحيث منعه ذلك فلإ نتفاء سببه وهو العمل الصالح ولا ريب أنه يهدي من يشاء ويضل من يشاء لكن ذلك كله حكمة منه وعدل فمنعه للأسباب التي هي الأعمال الصالحة من حكمته وعدله وأما المسببات بعد وجود أسبابها فلا يمنعها بحال إذا لم تكن أسبابا غير صالحة إما لفساد في العمل وإما لسبب يعارض موجبه ومقتضاه فيكون ذلك لعدم المقتضى أو لوجود المانع وإذا كان منعه وعقوبته من عدم الإيمان والعمل الصالح وهو لم يعط ذلك ابتلاء وابتداء إلا حكمة منه وعدلا فله
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»