شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٨٦
* (ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) * * (لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها) * * (إن عذابها كان غراما) * أي مقيما لازما وقد دلت السنة المستفيضة أنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار وأن هذا حكم مختص بهم فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم ولم يختص الخروج بأهل الإيمان وبقاء الجنة والنار ليس لذاتها بل بإبقاء الله لهما وقوله وخلق لهما أهلا قال تعالى * (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) * الآية وعن عائشة رضي الله عنها قالت دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار فقلت يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءا ولم يدركه فقال أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم رواه مسلم وأبو داود والنسائي وقال تعالى * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) * والمراد الهداية العامة وأعم منها الهداية المذكورة في قوله تعالى * (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) * فالموجودات نوعان أحدهما مسخر بطبعه والثاني متحرك بإرادته فهدى الأول لما سخره له طبيعة وهدى الثاني هداية إرادية تابعة لشعوره وعلمه بما ينفعه ويضره ثم قسم هذا النوع إلى ثلاثة أنواع نوع لا يريد إلا الخير ولا يتأتى منه إرادة سواه كالملائكة ونوع لا يريد إلا الشر ولا يتأتى منه إرادة سواه كالشياطين ونوع يتأتى منه إرادة القسمين كالإنسان ثم جعله ثلاثة أصناف صنفا يغلب إيمانه
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»