شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٨٥
رواية تغلب غضبي رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قالوا والله سبحانه يخبر عن العذاب أنه * (عذاب يوم عظيم) * و * (أليم) * و * (عقيم) * ولم يخبر ولا في موضع واحد عن النعيم أنه نعيم يوم وقد قال تعالى * (عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء) * وقال تعالى حكاية عن الملائكة * (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما) * فلا بد أن تسع رحمته هؤلاء المعذبين فلو بقوا في العذاب لا إلى غاية لم تسعهم رحمته وقد ثبت في الصحيح تقدير يوم القيامة بخمسين الف سنة والمعذبون فيها متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم وليس في حكمة أحكم الحاكمين ورحمة أرحم الراحمين أن يخلق خلقا يعذبهم أبد الآباد عذابا سرمدا لا نهاية له وأما أنه يخلق خلقا ينعم عليهم ويحسن إليهم نعيما سرمدا فمن مقتضى الحكمة والإحسان مراد لذاته والانتقام مراد بالعرض قالوا وما ورد من الخلود فيها والتأييد وعدم الخروج وأن عذابها مقيم وأنه غرام كله حق مسلم لا نزاع فيه وذلك يقتضي الخلود في دار العذاب ما دامت باقية وإنما يخرج منها في حال بقائها أهل التوحيد ففرق بين من يخرج من الحبس وهو حبس على حاله وبين من يبطل حبسه بخراب الحبس وانتقاضه ومن أدلة القائلين ببقائها وعدم فنائها قوله * (ولهم عذاب مقيم) * * (لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون) * * (فلن نزيدكم إلا عذابا) * * (خالدين فيها أبدا) * * (وما هم منها بمخرجين) * * (وما هم بخارجين من النار) *
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»