شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٧٩
وأما شبهة من قال إنها لم تخلق بعد وهي أنها لو كانت مخلوقة الآن لوجب اضطرارا أن تفني يوم القيامة وأن يهلك كل من فيها ويموت لقوله تعالى * (كل شيء هالك إلا وجهه) * و * (كل نفس ذائقة الموت) * وقد روى الترمذي في جامعه من حديث ابن مسعود رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرىء أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر قال هذا حديث حسن غريب وفيه أيضا من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة قال هذا حديث حسن صحيح قالوا فلو كانت مخلوقة مفروغا منها لم تكن قيعانا ولم يكن لهذا الغراس معنى قالوا وكذا قوله تعالى عن امرأة فرعون أنها قالت * (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة) * فالجواب إنكم إن أردتم بقولكم إنها الآن معدومة بمنزلة النفخ في الصور وقيام الناس من القبور فهذا باطل يرده ما تقدم من الأدلة وأمثالها مما لم يذكر وإن أردتم أنها لم يكمل خلق جميع ما أعد الله فيها لأهلها وأنها لا يزال الله يحدث فيها شيئا بعد شيء وإذا دخلها المؤمنون احدث الله فيها عند دخولهم أمورا أخر فهذا حق لا يمكن رده وأدلتكم هذه إنما تدل على هذا القدر وأما احتجاجكم بقوله تعالى * (كل شيء هالك إلا وجهه) * فأتيتم من سوء فهمكم معنى الآية واحتجاجكم بها على عدم وجود الجنة والنار الآن نظير احتجاج
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»