مماثلا للاخر في حقيقته إذ لو كان كذلك لتماثلا فيما يجب ويجوز ويمتنع وأحدهما يجب قدمه وهو موجود بنفسه والاخر لا يجب قدمه ولا هو موجود بنفسه وأحدهما خالق والاخر ليس بخالق وأحدهما غني عما سواه والاخر فقير فلو تماثلا للزم أن يكون كل منهما واجب القدم ليس بواجب القدم موجودا بنفسه غير موجود بنفسه خالقا ليس بخالق غنيا ليس غني فيلزم اجتماع الضدين على تقدير تماثلهما فعلم أن تماثلهما منتف بصريح العقل كما هو منتف بنصوص الشرع فعلم بهذه الأدلة اتفاقهما من وجه واختلافهما من وجه فمن نفى ما اتفقا فيه كان معطلا قائلا بالباطل ومن جعلهما متماثلين كان مشبها قائلا بالباطل والله أعلم وذلك لأنهما وان اتفقا في مسمى ما اتفقا فيه فالله تعالى مختص بوجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته والعبد لا يشركه في شئ من ذلك والعبد أيضا مختص بوجوده وعلمه وقدرته والله تعالى منزه عن مشاركة العبد في خصائصه وإذا اتفقا في مسمى الوجود والعلم والقدرة فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان والموجود في الأعيان مختص لا اشتراك فيه وهذا موضع اضطراب فيه كثير من النظار حيث توهموا ان الاتفاق في مسمى هذه الأشياء يوجب ان يكون الوجود الذي للرب كالوجود الذي للعبد وطائفة ظنت أن لفظ الوجود يقال بالاشتراك اللفظي وكابروا عقولهم فان هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم كما يقال الموجود ينقسم إلى واجب وممكن وقديم وحادث ومورد التقسيم مشترك بين الاقسام واللفظ المشترك كلفظ المشتري الواقع على المبتاع
(١٠٣)