شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٠٧
من جنسهم والريح من جنس ريحهم وان كانت أشد وكذلك غرق فرعون في البحر وكذا بقية الاخبار عن الأمم الماضية ولهذا كان الاخبار بذلك فيه عبرة لنا كما قال تعالى * (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) * يوسف وقد يكون الذي يخبر به الرسول ما لم يدركوا مثله الموافق له في الحقيقة من كل وجه لكن في مفرداته ما يشبه مفرداتهم من بعض الوجوه كما إذا أخبرهم عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر فلا بد أن يعلموا معنى مشتركا وشبها بين مفردات تلك الالفاظ وبين مفردات ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم فإذا كان ذلك المعنى الذي في الدنيا لم يشهدوه بعد ويريد أن يجعلهم يشهدونه مشاهدة كاملة ليفهموا به القدر المشترك بينه وبين المعنى الغائب أشهدهم إياه وأشار لهم اليه وفعل قولا يكون حكاية له وشبها به يعلم المستمعون ان معرفتهم بالحقائق المشهودة هي الطريق التي يعرفون بها الأمور الغائبة فينبغي أن يعرف هذه الدرجات أولها ادراك الانسان المعاني الحسية المشاهدة وثانيها عقله لمعانيها الكلية وثالثها تعريف الالفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية فهذه المراتب الثلاث لا بد منها في كل خطاب فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلا بد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق المشهودة والاشتباه الذي بينهما وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة ثم إن كانت مثلها لم يحتج إلى ذكر الفارق كما تقدم في قصص الأمم وان لم يكن مثلها بين ذلك بذكر الفارق بأن يقال ليس ذلك مثل هذا ونحو ذلك وإذا تقرر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق وانتفاء التساوي لا يمنع وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»