أكثر من اعتدال الطبائع الأربع وقيل هي الدم الصافي الخالص من الكدرة والعفونات وقيل هي الحرارة الغريزية وهي الحياة وقيل هو جوهر بسيط منبث في العالم كله من الحيوان على جهة الإعمال له والتدبير وهي على ما وصفت من الانبساط في العالم غير منقسمة الذات والبنية وأنها في كل حيوان العالم بمعنى واحد لا غير وقيل النفس هي النسيم الداخل والخارج بالتنفس وقيل غير ذلك وللناس في مسمى الإنسان هل هو الروح فقط أو البدن فقط أو مجموعهما أو كل منهما وهذه الأقوال الأربعة لهم في كلامه هل هو اللفظ أو المعنى فقط أو هما أو كل منهما فالخلاف بينهم في الناطق ونطقه والحق أن الإنسان اسم لهما وقد يطلق على أحدهما بقرينة وكذا الكلام والذي يدل عليه الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأدلة العقل أن النفس جسم مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها سريان الماء في الورد وسريان الدهن في الزيتون والنار في الفحم فما دامت هذه الأعضاء صالحة لقبول الآثار الفائضة عليها من هذا الجسم اللطيف بقي ذلك الجسم اللطيف ساريا في هذه الأعضاء وأفادها هذه الآثار من الحس والحركة الإرادية وإذا فسدت هذه بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها وخرجت عن قبول تلك الآثار فارق الروح البدن وانفصل إلى عالم الأرواح والدليل على ذلك قوله تعالى * (الله يتوفى الأنفس حين موتها) * ففيها الإخبار بتوفيها وإمساكها وإرسالها وقوله تعالى * (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم) *
(٤٤٣)