شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٤٦
الإيمان صارت مطمئنة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن مع قوله لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن الحديث واختلف الناس هل تموت الروح أم لا فقالت طائفة تموت لأنها نفس وكل نفس ذائفة الموت وقد قال تعالى * (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) * وقال تعالى * (كل شيء هالك إلا وجهه) * قالوا وإذا كانت الملائكة تموت فالنفوس البشرية أولى بالموت وقال آخرون لا تموت الأرواح فإنها خلقت للبقاء وإنما تموت الأبدان قالوا وقد دل على ذلك الأحاديث الدالة على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها والصواب أن يقال موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت وإن أريد أنها تعدم وتفنى بالكلية فهي لا تموت بهذا الاعتبار بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب كما سيأتي إن شاء الله تعالى وقد أخبر سبحانه ان أهل الجنة * (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) * وتلك الموتة هي مفارقة الروح للجسد وأما قول أهل النار * (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) * وقوله تعالى * (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم) * فالمراد أنهم كانوا أمواتا وهم نطف في أصلاب آبائهم وفي أرحام أمهاتهم ثم أحياهم بعد ذلك ثم أماتهم ثم يحييهم يوم النشور وليس في ذلك إماتة أرواحهم قبل يوم القيامة وإلا كانت ثلاث موتات وصعق الأرواح عند النفخ في الصور لا يلزم منه موتها فإن الناس يصعقون يوم القيامة
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»