وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من بني آدم ليس لهم في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية لكن كل أحاديث القدرية المرفوعة ضعيفة وإنما يصح الموقوف منها فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال القدر نظام التوحيد فمن وحد الله وكذب بالقدر نقض تكذيبه توحيده وهذا لأن الإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بعلم الله القديم وما أظهر من علمه الذي لا يحاط به وكتابة مقادير الخلائق وقد ضل في هذا الموضع خلائق من المشركين والصابئين والفلاسفة وغيرهم ممن ينكر علمه بالجزئيات أو بغير ذلك فإن ذلك كله مما يدخل في التكذيب بالقدر وأما قدرة الله على كل شيء فهو الذي يكذب به القدرية جملة حيث جعلوه لم يخلق أفعال العباد فأخرجوها عن قدرته وخلقه والقدر الذي لا ريب في دلالة الكتاب والسنة والإجماع عليه وأن الذي جحدوه هم القدرية المحضة بلا نزاع هو ما قدره الله من مقادير العباد وعامة ما يوجد من كلام الصحابة والأئمة في ذم القدرية يعني به هؤلاء كقول ابن عمر رضي الله عنهما لما قيل له يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف أخبرهم أني منهم بريء وانهم مني برآء والقدر الذي هو التقدير المطابق للعلم يتضمن أصولا عظيمة أحدها أنه عالم بالأمور المقدرة قبل كونها فيثبت علمه القديم وفي
(٣٠٥)