شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٠٨
شامة في كتاب الحوادث والبدع حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك به قليلا والمخالف له كثيرا لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ولا ننظر إلى كثرة أهل الباطل بعدهم وعن الحسن البصري رحمه الله أنه قال السنة والذي لا إله إلا هو بين الغالي والجافي فاصبروا عليها رحمكم الله فإن أهل السنة كانوا أقل الناس فيما مضى وهم أهل الناس فيما بقي الذين لم يذهبوا مع أهل الإتراف في إترافهم ولا مع أهل البدع في بدعتهم وصبروا على سنتهم حتى لقوا ربهم فكذلك فكونوا وعلامة مرض القلب عدوله عن الأغذية النافعة الموافقة إلى الأغذية الضارة وعدوله عن دوائه النافع إلى دوائه الضار فههنا أربعة أشياء غذاء نافع ودواء شاف وغذاء ضار ودواء مهلك فالقلب الصحيح يؤثر النافع الشافي على الضار المؤذي والقلب المريض بضد ذلك وأنفع الأغذية غذاء الإيمان وأنفع الأدوية دواء القرآن وكل منهما فيه الغذاء والدواء فمن طلب الشفاء في غير الكتاب والسنة فهو من أجهل الجاهلين وأضل الضالين فإن الله تعالى يقول * (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد) * وقال تعالى * (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) * * (ومن) * في قوله * (من القرآن) * لبيان الجنس لا للتبعيض وقال تعالى * (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) * فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة وما كل أحد يؤهل للاستشفاء به وإذا أحسن العليل التداوي به
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»