شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٠٧
وكذلك القلب المريض بالشهوة فإنه لضعفه يميل إلى ما يعرض له من ذلك بحسب قوة المرض وضعفه ومرض القلب نوعان كما تقدم مرض شهوة ومرض شبهة وأردؤها مرض الشبهة وأردأ الشبه ما كان من أمر القدر وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يشعر به صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم بورود القبيح عليه وتألم بجهله بالحق بحسب حياته * ما لجرح بميت إيلام * وقد يشعر بمرضه ولكن يشتد عليه تحمل مرارة الدواء والصبر عليها فيؤثر بقاء ألمه على مشقة الدواء فإن دواءه في مخالفة الهوى وذلك أصعب شيء على النفس وليس له أنفع منه وتارة يوطن نفسه على الصبر ثم ينفسخ عزمه ولا يستمر معه لضعف علمه وبصيرته وصبره كمن دخل في طريق مخوف مفض إلى غاية الأمن وهو يعلم أنه إن صبر عليه انقضى الخوف وأعقبه الأمن فهو محتاج إلى قوة صبر وقوة يقين بما يصير إليه ومتى ضعف صبره ويقينه رجع من الطريق ولم يتحمل مشقتها ولا سيما إن عدم الرفيق واستوحش من الوحدة وجعل يقول أين ذهب الناس فلي أسوة بهم وهذه حال أكثر الخلق وهي التي أهلكتهم فالصابر الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق ولا من فقده إذا استشعر قلبه مرافقة الرعيل الأول * (الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * وما أحسن ما قال أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»