شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٠٦
ذلك الرد على من ينكر علمه القديم الثاني ان التقدير يتضمن مقادير المخلوقات ومقاديرها هي صفاتها المعينة المختصة بها فإن الله قد جعل لكل شيء قدرا قال تعالى * (وخلق كل شيء فقدره تقديرا) * فالخلق يتضمن التقدير تقدير الشيء في نفسه بأن يجعل له قدرا وتقديره قبل وجوده فإذا كان قد كتب لكل مخلوق قدره الذي يخصه في كميته وكيفيته كان ذلك أبلغ في العلم بالأمور الجزئية المعينة خلافا لمن أنكر ذلك وقال إنه يعلم الكليات دون الجزئيات فالقدر يتضمن العلم القديم والعلم بالجزئيات الثالث انه يتضمن انه أخبر بذلك وأظهره قبل وجود المخلوقات إخبارا مفصلا فيقضي انه يمكن أن يعلم العباد الأمور قبل وجودها علما مفصلا فيدل ذلك بطريق التنبيه على أن الخالق أولى بهذا العلم فإنه إذا كان يعلم عباده بذلك فكيف لا يعلمه هو الرابع أنه يتضمن أنه مختار لما يفعله محدث له بمشيئته وإرادته ليس لازما لذاته الخامس انه يدل على حدوث هذا المقدور وأنه كان بعد أن لم يكن فإنه يقدره ثم يخلقه قوله فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما واحضر للنظر فيه قلبا سقيما لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما وعاد بما قال فيه أفاكا اثيما ش اعلم أن القلب له حياة وموت ومرض وشفاء وذلك أعظم مما للبدن قال تعالى * (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها) * أي كان ميتا بالكفر فأحييناه بالإيمان فالقلب الصحيح الحي إذا عرض عليه الباطل والقبائح نفر منها بطبعه وأبغضها ولم يلتفت إليها بخلاف القلب الميت فإنه لا يفرق بين الحسن والقبيح كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»