شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٠١
لا يحتسبون فإذا لم يحصل ذلك دل على أن في التقوى خللا فليستغفر الله وليتب إليه ثم قال تعالى * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * اي فهو كافيه لا يحوجه إلى غيره وقد ظن بعض الناس أن التوكل ينافي الاكتساب وتعاطي الأسباب وأن الأمور إذا كانت مقدرة فلا حاجة إلى الأسباب وهذا فاسد فإن الاكتساب منه فرض ومنه مستحب ومنه مباح ومنه مكروه ومنه حرام كما قد عرف في موضعه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل المتوكلين يلبس لأمة الحرب ويمشي في الأسواق للاكتساب حتى قال الكافرون * (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) * ولهذا تجد كثيرا ممن يرى الاكتساب ينافي التوكل يرزقون على يد من يعطيهم إما صدقة واما هدية وقد يكون ذلك من مكاس أو والي شرطة أو نحو ذلك وهذا مبسوط في موضعه لا يسعه هذا المختصر وقد تقدمت الإشارة إلى بعض الأقوال التي في تفسير قوله تعالى * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * وأما قوله تعالى * (كل يوم هو في شأن) * فقال البغوي قال مقاتل نزلت في اليهود حين قالوا إن الله لا يقضي يوم السبت قال المفسرون من شأنه أنه يحيي ويميت ويرزق ويعز قوما ويذل آخرين ويشفي مريضا ويفك عانيا ويفرج مكروبا ويجيب داعيا ويعطي سائلا ويغفر ذنبا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء قوله وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه وما اصابه لم يكن ليخطئه ش هذا بناء على ما تقدم من أن المقدور كائن لا محالة ولقد أحسن القائل حيث يقول * ما قضى الله كائن لا محاله * والشقي الجهول من لام حاله *
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»