شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٨٧
صار في وجود آخر فبقي بربه لا بنفسه فإن قيل إذا كان الكفر بقضاء الله وقدره ونحن مأمورون أن نرضى بقضاء الله فكيف ننكره ونكرهه فالجواب أن يقال أولا نحن غير مأمورين بالرضى بكل ما يقضيه الله ويقدره ولم يرد بذلك كتاب ولا سنة بل من المقضي ما يرضى به ومنه ما يسخط ويمقت كما لا يرضى به القاضي لأقضيته سبحانه بل من القضاء ما يسخط كما أن من الأعيان المقضية ما يغضب عليه ويمقت ويلعن ويذم ويقال ثانيا هنا أمران قضاء الله وهو فعل قائم بذات الله تعالى ومقضي وهو المفعول المنفصل عنه فالقضاء كله خير وعدل وحكمة نرضى به كله والمقضي قسمان منه ما يرضى به ومنه ما لا يرضى به ويقال ثالثا القضاء له وجهان أحدهما تعلقه بالرب تعالى ونسبته اليه فمن هذا الوجه يرضي به والوجه الثاني تعلقه بالعبد ونسبته إليه فمن هذا الوجه ينقسم إلى ما يرضى به والى مالا يرضى به مثال ذلك قتل النفس له اعتباران فمن حيث قدره الله وقضاه وكتبه وشاءه وجعله أجلا للمقتول ونهاية لعمره يرضى به ومن حيث صدر من القائل وباشره وكسبه وأقدم عليه باختياره وعصى الله بفعله نسخطه ولا نرضى به وقوله والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان إلى آخره التعمق هو المبالغة في طلب الشيء والمعنى أن المبالغة في طلب القدر والغوص في الكلام فيه ذريعة الخذلان الذريعة الوسيلة والذريعة والدرجة والسلم متقاربة المعنى وكذلك الخذلان والحرمان والطغيان متقاربة المعنى أيضا لكن الخذلان في مقابلة النصر والحرمان في مقابلة
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»