شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٦٨
أفرادها في وقته المقدر له ولا يدل على أنها خلقت خلقا مستقر و استمرت موجودة ناطقة كلها في موضع واحد ثم يرسل منها إلى الأبدان جملة بعد جملة كما قاله ابن حزم فهذا لا تدل الآثار عليه نعم الرب سبحانه يخلق منها جملة بعد جملة كما قاله على الوجه الذي سبق به التقدير أولا فيجيء الخلق الخارجي مطابقا للتقدير السابق كشأنه سبحانه في جميع مخلوقاته فإنه قدر لها أقدارا وآجالا وصفات وهيئات ثم أبرزها إلى الوجود مطابقة لذلك التقدير السابق فالآثار المروية في ذلك إنما تدل على القدر السابق وبعضها يدل على أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصورهم وميز أهل السعادة من أهل الشقاوة وأما الإشهاد عليهم هناك فإنما هو في حديثين موقوفين على ابن عباس وعمر رضي الله عنهم ومن ثم قال قائلون من السلف والخلف إن المراد بهذا الأشهاد انما هو فطرتهم على التوحيد كما تقدم كلام المفسرين على هذه الآية الكريمة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ومعنى قوله * (شهدنا) * أي قالوا بلى شهدنا أنك ربنا وهذا قول ابن عباس وأبي ابن كعب وقال ابن عباس أيضا اشهد بعضهم على بعض وقيل * (شهدنا) * من قول الملائكة والوقف على قوله * (بلى) * وهذا قول مجهاهد والضحاك وقال السدي أيضا هو خبر من الله تعالى عن نفسه وملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني آدم والأول أظهر وما عداه احتمال لا دليل عليه وانما يشهد ظاهر الآية للأول واعلم أن من المفسرين من لم يذكر سوى القول بأن الله استخرج ذرية آدم من ظهره واشهدهم على أنفسهم ثم أعادهم كالثعلبي والبغوي وغيرهما ومنهم من لم يذكره بل ذكر أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»