شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٦٣
عندك ذو وجاهة وشرف ومنزلة فأجب دعاءنا وهذا أيضا محذور فإنه لو كان هذا هو التوسل الذي كان الصحابة يفعلونه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لفعلوه بعد موته وإنما كانوا يتوسلون في حياته بدعائه يطلبون منه أن يدعو لهم وهم يؤمنون على دعائه كما في الاستسقاء وغيره فلما مات صلى الله عليه وسلم قال عمر رضي الله عنه لما خرجوا يستسقون اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وانا نتوسل إليك بعم نبينا معناه بدعائه هو ربه وشفاعته وسؤاله ليس المراد أنا نقسم عليك به أو نسألك بجاهة عندك إذ لو كان ذلك مرادا لكان جاه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم وأعظم من جاه العباس وتارة يقول باتباعي لرسولك ومحبتي له وإيماني به وسائر أنبيائك ورسلك وتصديقي لهم ونحو ذلك فهذا من أحسن ما يكون في الدعاء والتوسل والاستشفاع فلفظ التوسل بالشخص والتوجه به فيه إجمال غلط بسببه من لم يفهم معناه فإن أريد به التسبب به لكونه داعيا وشافعا وهذا في حياته يكون أو لكون الداعي محبا له مطيعا لأمره مقتديا به وذلك أهل للمحبة والطاعة والاقتداء فيكون التوسل إما بدعاء الوسيلة وشفاعته وإما بمحبة السائل واتباعه أو يراد به الاقسام به والتوسل بذاته فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونهوا عنه وكذلك السؤال بالشيء قد يراد به التسبب به لكونه سببا في حصول المطلوب وقد يراد به الإقسام به ومن الأول جاءت الثلاثة الذين أووا إلى الغار وهو حديث مشهور في الصحيحين وغيرهما فإن الصخرة انطبقت عليهم
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»