شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٧٢
بمضمونها وذكرتهم بها رسله بقولهم * (أفي الله شك فاطر السماوات والأرض) * العاشر أنه جعل هذا آية وهي الدلالة الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها وهذا شأن آيات الرب تعالى فقال تعالى * (وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون) * وانما ذلك بالفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله فما من مولود إلا يولد على الفطرة لا يولد مولود على غير هذه الفطرة هذا أمر مفروغ منه لا تبديل ولا تغيير وقد تقدمت الإشارة إلى هذا والله أعلم وقد تفطن لهذا ابن عطية وغيره ولكن هابوا مخالفة ظاهر تلك الأحاديث التي فيها التصريح بأن الله أخرجهم وأشهدهم على أنفسهم ثم أعادهم وكذلك حكى القولين الشيخ أبو منصور الماتريدي في شرح التأويلات ورجح القول الثاني وتكلم عليه ومال إليه ولا شك أن الإقرار بالربوبية أمر فطري والشرك حادث طاريء والأبناء تقلدوه عن الآباء فإذا احتجوا يوم القيامة بأن الآباء أشركوا ونحن جرينا على عادتهم كما يجري الناس على عادة آبائهم في المطاعم والملابس والمساكن يقال لهم أنتم كنتم معترفين بالصانع مقرين بأن الله ربكم لا شريك له وقد شهدتم بذلك على أنفسكم فإن شهادة المرء على نفسه هي إقراره بالشيء ليس إلا قال الله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم) * وليس المراد أن يقول أشهد على نفسي بكذا بل من أقر بشيء فقد شهد على نفسه به فلم عدلتم عن هذه المعرفة والإقرار الذي شهدتم به على أنفسكم إلى الشرك بل عدلتم عن المعلوم المتيقن
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»