شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٤٢
ولكن لا يقال لهذه الصفات إنها أعضاء أو جوارح أو أدوات أو أركان لأن الركن جزء الماهية والله تعالى هو الأحد الصمد لا يتجزأ سبحانه وتعالى والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضيه تعالى الله عن ذلك ومن هذا المعنى قوله تعالى * (الذين جعلوا القرآن عضين) * والجوارح فيها معنى الاكتساب والانتفاع وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة وكل هذه المعاني منتفية عن الله تعالى ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله تعالى فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني سالمة من الاحتمالات الفاسدة فكذلك يجب أن لا يعدل عن الألفاظ الشرعية نفيا ولا إثباتا لئلا يثبت معنى فاسد أو ينفي معنى صحيح وكل هذه الالفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل وأما لفظ الجهة فقد يراد به ما هو موجود وقد يراد به ما هو معدوم ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله تعالى كان مخلوقا والله تعالى لا يحصره شيء ولا يحيط به شيء من المخلوقات تعالى الله عن ذلك وإن أريد بالجهة امر عدمي وهو ما فوق العالم فليس هناك إلا الله وحده فإذا قيل إنه في جهة بهذا الاعتبار فهو صحيح ومعناه أنه فوق العالم حيث انتهت المخلوقات فهو فوق الجميع عال عليه ونقاه لفظ الجهة الذين يريدون بذلك نفي العلو يذكرون من أدلتهم أن الجهات كلها مخلوقة وانه كان قبل الجهات وأن من قال إنه في جهة يلزمه القول بقدم شيء من العالم وأنه كان مستغنيا عن الجهة ثم صار فيها وهذه الألفاظ ونحوها إنما تدل على أنه ليس في شيء من المخلوقات وسواء سمي جهة أو لم يسم وهذا حق ولكن الجهة
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»