شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٣٩
لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وابهام كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا ويذكرون عن مثبتها ما لا يقولون به وبعض المثبتين لها يدخل لها معنى باطلا مخالفا لقول السلف ولما دل عليه الكتاب والميزان ولم يرد نص من الكتاب ولا من السنة بنفيها ولا إثباتها وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ولا وصفه به رسوله نفيا ولا إثباتا وانما نحن متبعون لا مبتدعون فالواجب أن ينظر في هذا الباب أعني باب الصفات فما أثبته الله ورسوله أثبتناه وما نفاه الله ورسوله نفيناه والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني وننفي ما نفته نصوصهما من الألفاظ والمعاني وأما الالفاظ التي لم يرد نفيها ولا اثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها فإن كان معنى صحيحا قبل لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه ان لم يخاطب بها ونحو ذلك والشيخ رحمه الله أراد الرد بهذا الكلام على المشبهة كداود الجواربي وأمثاله القائلين إن الله جسم وانه جثة وأعضاء وغير ذلك تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا فالمعنى الذي أراده الشيخ رحمه الله من النفي الذي ذكره هنا حق لكن حدث بعده من أدخل في عموم نفيه حقا وباطلا فيحتاج إلى بيان ذلك وهو أن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حدا وانهم لا يحدون شيئا من صفاته قال أبو داود الطيالسي كان سفيان وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون يروون
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»