من حيث لا يتعلق بها لا قواما ولا تصورا فالإلهي ويسمى العلم الأعلى وعلم ما بعد الطبيعة كالبحث عن الواجب والمجردات وما يتعلق بذلك واعترض صاحب المطارحات بأن في الإلهي ما يتعلق بالمادة في الجملة كالوحدة والكثرة والعلية والمعلولية وكثير من الأمور العامة وفي الرياضي ما قد يستغني عنها كالعدد وهو مدفوع بقيد الحيثية فإن العدد إذا اعتبر من حيث هو كان مستغنيا عن المادة ويبحث عنه في الإلهي وإذا اعتبر من حيث هو في الأوهام أو في الموجودات المادية متفرقة ومجتمعة فيبحث عن الجمع والتفريق والضرب والقسمة فهو علم العدد المعدود من أقسام الرياضي وإلى هذا أشار في الشفاء إلا أنه قد يناقش في اختصاص حيثية الجمع والتفريق والضرب والقسمة وبالجملة المباحث الحسابية تغير المجردات والحكمة العملية إن تعلقت بآراء ينتظم بها حال الشخص وزكاء نفسه فالحكمة الخلقية وإلا فإن تعلقت بانتظام المشاركة الإنسانية الخاصة فالحكمة المنزلية والعامة فالحكمة المدنية والسياسة قال وأصول الأخلاق للإنسان قوة شهوية هي مبدأ جذب المنافع ودفع المضار من المآكل والمشارب وغيرها وتسمى القوة البهيمية والنفس الأمارة وقوة عصبية هي مبدأ الإقدام على الأهوال والشوق إلى التسلط والترفع وتسمى القوة السبعية والنفوس اللوامة وقوة نطقية هي مبدأ إدراك الحقائق والشوق إلى النظر في العواقب والتمييز بين المصالح والمفاسد وتحدث من اعتدال حركة الأولى العفة وهي أن تكون تصرفات البهيمية على وفق اقتضاء النطقية لتسلم عن أن يستعبدها الهوى وتستخدمها اللذات ولها طرف إفراط هي الخلاعة والفجور أي الوقوع في ازدياد اللذات على ما ينبغي وطرف تفريط هو الخمود أي السكون عن طلب ما رخص فيه العقل والشرع من اللذات إيثارا لا خلقة ومن اعتدال حركة السبعية الشجاعة وهي انقيادها للنطقية ليكون إقدامها على حسب الرؤية من غير اضطراب في الأمور الهائلة ولها طرف إفراط هو التهور أي الإقدام على مالا ينبغي وتفريط وهو الجبن أي الحذر عما لا ينبغي ومن اعتدال حركة النطقية الحكمة وهي معرفة الحقائق على ما هي عليه بقدر الاستطاعة وطرف إفراطها الجريزة وهي استعمال الفكر فيما لا ينبغي ولا على ما ينبغي وطرف تفريطها الغباوة وهي تعطيل الفكر بالإرادة والوقوف عن اكتساب العلوم فالأوساط فضائل والأطراف رذائل وإذا امتزجت الفضائل حصل من اجتماعها حالة متشابهة هي العدالة فأصول الفضائل العفة والشجاعة والحكمة والعدالة ولكل منها شعب وفروع مذكورة في كتب الأخلاق وكذا الرذائل الست (قال المبحث السادس) إشارة إجمالية إلى بيان غرائب أحوال وأفعال تظهر
(٤٦)