فيحكم بكفر من ارتكبه وبوجود التكذيب فيه وانتفاء التصديق عنه كالاستخفاف بالشرع وشد الزنار وبعضها لا كالزنا وشرب الخمر ويتفاوت ذلك إلى متفق عليه ومختلف فيه ومنصوص عليه ومستنبط من الدليل وتفاصيله في كتب الفروع وبهذا يندفع إشكال آخر وهو أن صاحب التأويل في الأصول إما أن يجعل من المكذبين فيلزم تكفير كثير من الفرق الإسلامية كأهل البدع والأهواء بل المختلفين من الفرق الإسلامية كأهل البدع والأهواء بل المختلفين من أهل الحق وإما أن لا يجعل فيلزم عدم تكفير المنكرين لحشر الأجساد وحدوث العالم وعلم الباري بالجزئيات فإن تأويلاتهم ليست بأبعد من تأويلات أهل الحق للنصوص الظاهرة في خلاف مذهبهم وذلك لأن من النصوص ما علم قطعا من الدين أنه على ظاهره فتأويله تكذيب للنبي بخلاف البعض ثم لا يخفى أن المراد التكذيب أو عدم التصديق من المكلف ليخرج الصبي العاقل الذي لم يصدق أو صرح بالتكذيب وأما عند القائلين بصحة إيمانه وبأنه يكفر بصريح التكذيب وإن لم يكفر بترك التصديق فالمراد التكذيب ممن يصح منه الإيمان وعدم التصديق ممن يجب عليه الإيمان وقال القاضي الكفر هو الجحد بالله وربما يفسر الجحد بالجهل واعترض بعدم انعكاسه فإن كثيرا من الكفرة عارفون بالله تعالى مصدقون به غير جاحدين به وإن أريد الجحد أو الجهل أعم من أن يكون بوجوده أو وحدانيته أو شيء من صفاته وأفعاله وأحكامه لزم تكفير كثير من أهل الإسلام المخالفين في الأصول لأن الحق واحد وفاقا وأجيب بأن المراد الجحد به في شيء مما علم قطعا أنه من أحكامه أو الجهل بذلك إجمالا وتفصيلا وحينئذ يطرد وينعكس بل ربما يكون أحسن من التعريف بتكذيب النبي عليه السلام أو عدم تصديقه لشموله الكفر بالله من غير توسط النبي صلى الله عليه وسلم ككفر إبليس وقالت المعتزلة هو ارتكاب قبيح أو إخلال بواجب يستحق به أعظم العقاب ولا خفاء في أن هذا من أحكام الكفر لا ذاتياته ولا لوازمه البينة التي ينقل الذهن منها إليه ومع هذا فإن أريد أعظم العقاب على الإطلاق لم يصدق إلا على ما هو أشد أنواع الكفر وإن أريد أعظم بالنسبة إلى ما دونه صدق على كثير من المعاصي وإن أريد بالنسبة إلى الفسق وقد فسروا الفسق بما يستحق به عقوبة دون عقوبة الكفر فدورا وبالخروج من طاعة الله بكبيرة ومن الكبائر ما هو كفر فلا يتناوله التعريف وإن قيد الكبيرة بغير الكفر عاد الدور وبالجملة لا خفاء في اختلال هذا التعريف وخفائه وما قيل أن الكفر عند كل طائفة مقابل لما فسروا به الإيمان لا يستقيم على القول بالمنزلة بين المنزلتين أصلا ولا على قول السلف ظاهرا قال خاتمة قد ظهر أن الكافر اسم لمن لا إيمان له فإن أظهر الإيمان خص باسم المنافق وإن طرأ كفره بعد الإسلام خص باسم المرتد لرجوعه عن الإسلام وإن قال بإلهين أو أكثر خص باسم المشرك لإثباته الشريك في الألوهية وإن
(٢٦٨)