شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ١٤١
ولا استقلال للعبد فلا اعتذال الرابع الآيات الدالة على توبيخ الكفار والعصاة وإنه لا مانع من الإيمان والطاعة ولا ملجىء إلى الكفر والمعصية لهم كقوله تعالى * (وما منع الناس أن يؤمنوا) * * (كيف تكفرون بالله) * * (ما منعك أن تسجد) * * (فما لهم لا يؤمنون) * * (فما لهم عن التذكرة معرضين) * * (لم تلبسون الحق بالباطل) * * (لم تصدون عن سبيل الله) * وأمثال ذلك وعلى مذهب المجبرة لهم أن يجادلوا ويقولوا أنك خلقت فينا الكفر وعلمته وأردته وأخبرت به وخلقت قدرة وداعية يجب معهما الكفر وكل هذه موانع من الإيمان فيكون القرآن حجة للكافر وقد أنزل ليكون حجة عليه وإلى هذا أشار الصاحب ابن عباد وكان غالبا في الرفض والاعتزال ساعيا في تربية أبي هاشم الجبائي ورفع قدره وإعلاء ذكره حيث قال كيف يأمر بالإيمان ولم يرده وينهى عن الكفر وإراده ويعاقب على الباطل ويقدره وكيف يصرف على الإيمان ثم يقول * (أنى يصرفون) * ويخلق فيهم الإفك ثم يقول * (أنى يؤفكون) * وأنشأ فيهم الكفر ثم يقول * (كيف تكفرون) * وخلق فيهم لبس الحق بالباطل ثم قال * (لم تلبسون الحق بالباطل) * * (فصدهم عن السبيل) * ثم يقول * (لم تصدون عن سبيل الله) * * (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) * ثم يقول * (وماذا عليهم لو آمنوا) * وذهب بهم عن الرشد ثم قال * (فأين تذهبون) * (وأضلهم عن الدين حتى أعرضوا) ثم قال * (فما لهم عن التذكرة معرضين) * والجواب أن المراد الموانع الظاهرة التي يعلمها جهال الكفرة وهذه موانع عقلية خفيت على علماء القدرية الخامس الآيات الدالة على أن فعل العبد بمشيئته كقوله تعالى * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * * (اعملوا ما شئتم) * * (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر) * * (فمن شاء ذكره) * * (فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) * والجواب أن التعليق بمشيئة العبد مذهبنا لكن مشيئته بمشيئة الله تعالى * (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) * وفي تعداد هذه الأنواع وإفرادها إطالة وقد فصلها الإمام في كتبه سيما المطالب العالية وأورد أيضا أحاديث كثيرة توافق أنواع الآيات واقتصر في الجواب على أن الأدلة السمعية متعارضة فالتعويل على العقليات وعمدته في ذلك دليل الداعي الموجب ودليل العلم الأزلي ولذا نقل عن بعض أذكياء المعتزلة أنه كان يقول هما العدوان للاعتزال وإلا فقد ثم الدست لنا وأما دليل الإرادة وقد أورده صاحب المواقف في أعدادهما فلا معول عليه عندهم لتجويزهم وقوع خلاف مراد الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا ولهذا ألزم المجوسي عمرو بن عبيد حين قال له لم لا تسلم فقال لأن الله تعالى لم يرد إسلامي فقال أن الله يريد إسلامك لكن الشياطين لا يتركونك فقال المجوسي فأنا أكون مع الشريك الغالب قال خاتمة يشير إلى ما ذكره الإمام الرازي من أن حال هذه المسألة عجيبة فإن الناس كانوا مختلفين فيها أبدا بسبب أن ما يمكن الرجوع إليها فيها متعارضة متدافعة فمفعول الجبرية على أنه لا بد لترجيح الفعل على الترك من مرجح ليس من العبد ومعول القدرية على أن العبد لو لم يكن قادرا على فعله لما حسن المدح والذم الأمر والنهي وهما مقدمتان بديهيتان ثم من الدلائل العقلية اعتماد الجبرية على أن تفاصيل أحوال الأفعال غير معلومة للعبد
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»