شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٩٧
اللازمة والمفارقة كالفردية للثلاثة والزوجية للأربعة وكالمشي للحيوان والضحك للإنسان ضرورة تغاير المعروض والعارض ولهذا يصدق على المتنافيين كالإنسان الضاحك وغير الضاحك فهي في نفسها ليست شيئا من العوارض ولو على طرفي النقيض كالوجود والعدم والحدوث والقدم والوحدة والكثرة وإنما ينضم إليه هذه العوارض موجودا ومعدوما حادثا وقديما واحدا وكثيرا إلى غير ذلك وتتقابل تلك الماهية أي يعرض لها تقابل الأفراد بتقابل الأوصاف فلا يصدق الإنسان الواحد على الإنسان الكثير وبالعكس ولا الجسم المتحرك على الجسم الساكن وعلى هذا القياس فحيث يحمل بعض العوارض على الماهية من حيث هي هي كما يقال الأربعة من حيث هي هي زوج أو ليست بفرد يراد أن ذلك من عوارض الماهية ولوازمها ومقتضياتها من غير نظر إلى الوجود ولو لم يرد ذلك لم يصح إلا حمل الذاتيات فالأربعة من حيث هي هي ليست إلا الأربعة ولهذا قالوا لو سئل بطرفي النقيض فقيل الأربعة من حيث هي هي زوج أو ليست بزوج كان الجواب الصحيح سلب كل شيء بتقديم حرف السلب على الحيثية مثل أن يقال ليست من حيث هي بزوج ولا فرد ولا غير ذلك من العوارض بمعنى أن شيئا منها ليس نفسها ولا داخلا فيها ولا يصح أن يقال هي من حيث هي زوج أو ليست بفرد أو ليست هذا ولا ذاك بتقديم الحيثية لدلالته على أن ذلك الثبوت أو السلب من ذاتياتها والتقدير أنها من العوارض وأما إذا أريد بتقديم الحيثية أن ذلك العارض من مقتضيات الماهية صح في مثل قولنا الأربعة من حيث هي زوج أو ليست بفرد دون قولنا الإنسان من حيث هو ضاحك أوليس بضاحك فما ذكر في المواقف من أن تقديم الحيثية على السلب معناه اقتضاء السلب وهو باطل ليس على إطلاقه وقال الإمام ولو سئلنا بموجبتين هما في قوة النقيضين كقولنا الإنسان إما واحد أو كثير لم يلزمنا أن نجيب عنه البتة بخلاف ما إذا سئل بطرفي النقيض لأن معنى السؤال بالموجبتين أنه إذا لم يتصف بهذا الموجب اتصف بذاك والاتصاف لا يستلزم الاتحاد بل يستلزم التغاير وهذا ما قال في المواقف لو سئلنا عن المعدولتين فقيل الإنسانية من حيث هي (ا) أو لا (ا) لم يلزمنا الجواب ولو قلنا قلنا لا هذا ولا ذاك أي ليست من حيث هي (ا) ولا لا (ا) بتقديم الحيثية لما مر ولا يخفى ما في لفظ المعدولتين من العدول عن الطريق فإن قولنا هذا (ا) ليست من المعدولة في شيء وكذا قولنا هذا واحد أي لا كثير وكثير أي لا واحد وبصير أي لا أعمى وأعمى أي لا بصير لم يقل أحد بكونها معدولة وفي قوله تتقابل بتقابلها إشارة إلى جواب سؤال تقديره أن الإنسانية التي في زيد إن كانت هي التي في عمرو لزم أن يكون الشخص الواحد في آن واحد في مكانين وموصوفا بوصفين متضادين وإن كانت غيرها لم تكن الماهية أمرا واحدا مشتركا بين الأفراد وتقرير الجواب أنها عينها بحسب الحقيقة غيرها بحسب
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»