شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٧٥
العقلية أي الأمور التي يمتنع استغناؤها عن المحل عقلا ويمتنع حصولها فيه بحسب الخارج كالإمكان والماهية بخلاف مثل الإنسان فإنه مستغن عن المحل ومثل البياض فإن قيامه بالمحل خارجي ومنها أنه من المعقولات الثانية أي العوارض التي تلحق المعقولات الأولى من حيث لا يحاذي بها أمر في الخارج كالكلية والجزئية والذاتية والعرضية لأنها أمور تلحق حقائق الأشياء عند حصولها في العقل وليس في الأعيان شيء هو الوجود أو الذاتية أو العرضية مثلا وإنما في الأعيان الإنسان والسواد مثلا وههنا نظر من جهة أن ما انساق إليه البيان هو أن وجودات الأشياء من المحمولات العقلية والمعقولات الثانية وكان الكلام في الوجود المطلق ومنها أنه ينقسم إلى الواجب والممكن لأنه إن كان مفتقرا إلى سبب فممكن وإلا فواجب وإلى القديم والحادث لأنه إن كان مسبوقا بالغير أو بالعدم فحادث وإلا فقديم ومنها أنه يتكثر بتكثر الموضوعات الشخصية كوجود زيد وعمرو والنوعية كوجود الإنسان والفرس والجنسية كوجود الحيوان والنبات فإن قيل الموضوع هو المحل المستغني في قوامه عن الحال ولا يتصور ذلك للوجود قلنا المراد ههنا ما يقابل المحمول وهو الذي يحمل عليه الوجود بالاشتقاق ولو سلم فالقيام ههنا عقلي والماهية تلاحظ دون الوجود وهذا معنى استغنائه عن العارض وإن كان لا ينفك عن وجود عقلي وظاهر هذا الكلام أن وجودات الممكنات إنما هي نفس الوجود المطلق تكثرت بالإضافة إلى المحل وليست أمورا متكثرة متحصصة بأنفسها معروضة له وكان المراد أن الوجود المطلق يتكثر ما صدق هو عليه من الوجودات الخاصة بتكثر الموضوعات ومنها أنه مقول على الوجودات بالتشكيك كما سبق وجميع ذلك مما يستحيل في حق الواجب تعالى وتقدس وبالجملة فالقول بكون الواجب هو الوجود المطلق مبني على أصول فاسدة مثل كونه واحدا بالشخص موجودا في الخارج ممتنع العدم لذاته ومستلزم لبطلان أمور اتفق العقلاء عليها مثل كونه أعرف الأشياء مشتركا بين الوجودات مقولا عليها بالتشكيك معدودا في ثواني المعقولات وكون الواجب مبدأ لوجود الممكنات متصفا بالعلم والقدرة والإرادة والحياة وإرسال الرسل وإنزال الكتب وغير ذلك مما وردت به الشريعة قال وما أعجب حال الوجود يتعجب من اختلافات العقلاء في أحوال الوجود ومع اتفاقهم على أنه أعرف الأشياء مع أن الغالب من حال الشيء أن تتبع ذاته في الجلاء والخفاء فمنها اختلافهم في أنه جزئي أو كلي فقيل جزئي حقيقي لا تعدد فيه أصلا وإنما التعدد في الموجودات بواسطة الإضافات حتى أن قولنا وجود زيد أو وجود عمرو بمنزلة قولنا إله زيد وإله عمرو والحق أنه كلي والوجودات إفراده ومنها اختلافهم في أنه واجب أو ممكن فقد ذهب جمع كثير من المتأخرين إلى أنه واجب على ما ذكرنا وذلك هو الضلال البعيد ومنها اختلافهم في أنه عرض أو جوهر أوليس بعرض ولا جوهر لكونهما
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»