شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٧٢
امتناع تحقق الخاص بدون العام أجابوا بأنه كون خاص متحقق بنفسه لا بالفاعل قائم بذاته لا بالماهية غني في التحقق عن الوجود المطلق وغيره من العوارض والأسباب مخالف لسائر الوجودات بالحقيقة وإن كان مشاركا لها في وقوع الوجود المطلق عليها وقوع لازم خارجي غير مقوم وهذا لا يوجب التركيب ولا الافتقار كما أنكم إذا جعلتموه ماهية موجودة فكونه أخص من مطلق الماهية والموجود لم يوجب احتياجه كيف والمطلق اعتباري محض وحين اعترض بأنه لم لا يجوز أن تكون تلك الحقيقة المخالفة لسائر الحقائق المتحققة بنفسها الغنية عما سواها أمرا غير الوجود أجابوا بأن المتحقق بنفسه الغني عما سواه لا يجوز أن يكون غير الوجود لأن احتياج غير الموجود في التحقق إلى الوجود ضروري وحين اعترض بأن الوجود مفهوم واحد لا يتكثر ولا يصير حصة حصة إلا بالإضافة إلى الماهيات كبياض هذا الثلج وذاك إذ لا معنى للمقيد سوى المطلق مع قيد الإضافة أجابوا بمنع ذلك بل الوجودات حصص مختلفة وحقائق متكثرة بأنفسها لا بمجرد عارض الإضافة لتكون متماثلة متفقة الحقيقة ولا بالفصول ليكون الوجود المطلق جنسا لها بل هو عارض لازم لها كنور الشمس ونور السراج فإنهما مختلفان بالحقيقة واللوازم مشتركات في عارض النور وكذا بياض الثلج والعاج بل كالكم والكيف المشتركين في العرضية بل الجوهر والعرض المشتركان في الإمكان والوجود إلا أنه لما لم يكن لكل وجود اسم خاص كما في أقسام الممكن وأقسام العرض وغير ذلك توهم أن تكثر الوجودات وكونها حصة حصة إنما هو بمجرد الإضافة إلى الماهيات المعروضة لها كبياض هذا الثلج وذاك ونور هذا السراج وذاك وليس كذلك والإنصاف أن ما ذكروا من الاختلاف بالحقيقة حق في وجود الواجب والممكن ومحتمل في مثل وجود الجوهر والعرض ومثل وجود القار وغير القار وأما في مثل وجود الإنسان والفرس ووجود زيد وعمرو فلا قال فإن قلت لما لاح من كلام الفارابي وابن سينا أن حقيقة الواجب وجود خاص معروض للوجود العام المشترك المقابل للعدم على ما لخصه الحكيم المحقق اعترض الإمام بأن فيه اعترافا بكون وجود الواجب زائدا على حقيقته وبأنه يستلزم كون الواجب موجودا بوجودين مع أنه لا أولوية لأحدهما بالعارضية وقد سبق أن النزاع في الوجودات الخاصة لا المطلق ولما كان معنى صدق الوجود المطلق على الوجودات الخاصة أن في كل منها حصة من مفهوم الوجود المطلق الذي هو الكون في الأعيان صرح بعض من حاول تلخيص كلام الحكماء بأن الحصة من مفهوم الكون في الأعيان زائد على الوجود المجرد المبدأ للممكنات الذي هو نفس ماهية الواجب فتأكد الاعتراض بأن الوجود الخاص الذي هو الحصة من مفهوم الكون زائد على حقيقة الواجب كما في الممكنات ويلزم منه أن يكون في الواجب وجودان عارض ومعروض وفي الممكن كالإنسان
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»