فبالوجود أو بالماهية فبالماهية كما في اللوازم المستندة إلى نفس الماهية فإن الماهية تتقدمها بذاتها ومن حيث كونها تلك الماهية من غير اعتبار وجودها أو عدمها كالثلاثة للفردية وذلك كالقابل فإن تقدمه على المقبول ضروري لكنه قد يكون بالماهية من حيث هي لا باعتبار الوجود أو العدم كماهيات الممكنات لوجوداتها وعن الثالث بأنا لا نسلم أن الوجود إذا كان محتاجا إلى الماهية كان جائزا لزوال عنها نظرا إلى ذاته وإنما يلزم لو لم تكن الماهية لذاتها مقتضية له ولا معنى لواجب الوجود سوى ما يمتنع زوال وجوده عن ذاته نظرا إلى ذاته ولا يضره احتياج وجوده إلى ذاته ولا تسميته ممكنا بهذا الاعتبار وإن كان خلاف الإصلاح فإن الممكن ما يحتاج إلى الغير في ثبوت الوجود له فلهذا لم يتعرض في المتن للإمكان واقتصر على الاحتياج (قال فإن قيل) العمدة في احتجاج الفلاسفة هو الوجه الثاني وحاصل ما ذكره الإمام في الجواب أنه لم لا يجوز أن يكون علة الوجود هي الماهية من حيث هي هي فتقدمه لا بالوجود كما أن ذاتيات الماهية متقدمة عليها لا بالوجود وكما أن الماهية علة للوازمها بذاتها لا بوجودها وكما أن ماهية الممكن قابل لوجوده مع أن تقدم القابل أيضا ضروري ورده الحكيم المحقق في مواضع من كتبه بأن الكلام فيما يكن علة لوجود أمر موجود في الخارج وبديهة العقل حاكمة بوجوب تقدمها عليه بالوجود فإنه مالم يلحظ كون الشيء موجودا امتنع أن يلحظ كونه مبدأ للوجود ومفيدا له بخلاف القابل للوجود فإنه لا بد أن يلحظه العقل خاليا عن الوجود أي غير معتبر فيه الوجود لئلا يلزم حصول الحاصل بل عن العدم أيضا لئلا يلزم اجتماع المتنافيين فإذن هي الماهية من حيث هي هي وأما الذاتيات بالنسبة إلى الماهية والماهية بالنسبة إلى لوازمها فلا يجب تقدمهما إلا بالوجود العقلي لأن تقدمها بالذاتيات واتصافها بلوازمها إنما هو بحسب العقل وإذا تحققت فتقدم قابل الوجود أيضا كذلك لما سيجيء من أنه بحسب العقل فقط لا كالجسم مع البياض فنقول على طريق البحث دون التحقيق لا نسلم أن المفيد لوجود نفسه يلزم تقدمه عليه بالوجود فإنه لا معنى للإفادة هنا سوى أن تلك الماهية تقتضي لذاتها الوجود ويمتنع تقدمها عليه بالوجود ضرورة امتناع حصول الحاصل كما في القابل بعينه بخلاف المفيد لوجود الغير فإن بديهة العقل حاكمة بأنه مالم يكن موجودا لم يكن مبدأ لوجود الغير ومن ههنا يستدل بالعالم على وجود الصانع فإن قيل إذا كانت ماهية الواجب مفيدة لوجوده ومقتضية له كان وجوده معلولا للغير وكل معلول للغير ممكن فيكون وجود الواجب ممكنا هذا خلف قلنا بعد المساعدة على تسمية مقتضى الماهية معلولا لها وتسمية الذات الموجودة غيرا للوجود لا نسلم أن كل معلوم للغير بهذاالمعنى ممكن وإنما يلزم ذلك لو لم يكن المعلول هو الوجود والغير هو الماهية التي قام بها ذلك الوجود كيف ولا معنى لوجوب الوجود سوى كونه مقتضى الذات التي قام بها
(٦٤)