تصور الحقيقة وأجيب بأن الرسم قد يفيد تصور الحقيقة وإن لم يستلزمه ولو سلم فيكفي التصور بوجه ما السادس أن العلم بوجود الواجب هو الأساس في الإلهيات ولا يمكن اكتسابه بالنظر لأنه يستدعي دليلا يفيد أمرا ويدل عليه وذلك إما نفس ثبوت الصانع أو العلم به وإلا لما كان دليلا عليه فإن كان الأول لزم من انتفائه إنتاؤه ضرورة انتفاء المفاد بانتفاء المفيد وإن كان الثاني لزم من عدم النظر في الدليل أن لا يكون دليلا لأن هذا وصف إضافي لا يعرض إلا بالإضافة إلى المدلول الذي فرضناه العلم وهو منتف عند عدم النظر وأجيب بأنا لا نعني بكون الدليل مفيدا بشيء وموجبا له أنه يوجده ويحصله على ما هو شأن العلل بل بأنه بحيث متى وجد وجد ذلك الشيء ومتى نظر فيه علم ذلك الشيء وحاصله أن وجوده مستلزم لثبوته والنظر فيه مستلزم للعلم به ومعلوم أن انتفاء الملزوم لا يوجب انتفاء اللازم وأن عدم النظر فيه لا ينافي كونه بحيث متى نظر فيه علم المدلول وأورد على جميع الوجوه بل على كل ما يحتج به لإثبات أن النظر لا يفيد العلم أن العلم بكون النظر غير مفيد للعلم إن كان نظريا مستفادا من شيء من الاحتجاجات يلزم التناقض إذ النظر قد أفاد العلم في الجملة وإن كان ضروريا والوجوه المذكورة تنبيهات عليه لزم خلاف أكثر العقلاء في الحكم الضروري وهو باطل بالضرورة وإنما الجائز خلاف جمع من العقلاء وهو لا يستلزم جواز خلاف الأكثر فإن قيل نحن نعترف بأن الاحتجاج لا يفيد العلم لكن لما احتججتم على الإفادة احتججنا على نفي الإفادة معارضة للفاسد بالفاسد قلنا ما ذكرتم من الوجوه إن أفادت فساد كلامنا كان النظر مفيدا للعلم وهو المط وإن لم يفد كان لغوا وبقي ما ذكرنا سالما عن المعارض قال وأما النظر الفاسد القائلون بأن النظر الصحيح المقرون بشرائطه يستلزم العلم اختلفوا في أن النظر الفاسد هل يستلزم الجهل أي الاعتقاد الغير المطابق فقال الإمام يستلزمه لأن من اعتقد أن العالم قديم وكل قديم مستغن عن المؤثر استحال أن لا يعتقد أن العالم غني عن المؤثر وقيل إن كان الفساد مقصورا على المادة يستلزمه وإلا فلا أما الأول فلأن لزوم النتيجة للقياس المشتمل على الشرائط ضروري ابتداء أو انتهاء سواء كانت المقدمات صادقة أو كاذبة كما في المثال المذكور وأما الثاني فلأن معنى فساد الصورة أنه ليس من الضروب التي يلزمها النتيجة والصحيح أنه لا يستلزم الجهل على التقديرين أما عند فساد الصورة فظاهر وأما عند فساد المادة فقط بأن تكون الصورة من الضروب المنتجة فلأن اللازم من الكاذب قد لا يكون كاذبا كما إذا اعتقد أن العالم أثر الموجب بالذات وكل ما هو أثر الموجب بالذات فهو حادث فإنه يستلزم أن العالم حادث وهو حق مع كذب القياس بمقدمتيه نعم قد يفيد الجهل كما إذا اعتقد أن العالم قديم وكل قديم مستغن عن المؤثر والتحقيق أنه لا نزاع في أن الفاسد صورة لا يستلزم بالاتفاق والفاسد مادة فقط قد يستلزم وقد لا يستلزم فمراد الإمام الإيجاب الجزئي كما في المثال المذكور ومرادنا نفي الإيجاب الكلي لعدم
(٤١)