اللزوم في بعض المواد والقائلون بأنه لا لزوم أصلا يريدون اللزوم الذي مناطه صفة في الشبهة بمعنى أن شبهة المنظور فيها ليس لها لذاتها صفة ولا وجه بكونها مناطا للملازمة بينها وبين المطلوب وإلا لما انتفت الدلالة بظهور الغلط ولكان المحققون بل المعصومون عن الخطأ أولى بأن يستلزم نظرهم في الشبهة الجهل بناء على أنهم أحق بالاطلاع على وجه الدلالة فيها وهذا بخلاف الدليل فإن له صفة ووجه دلالة في ذاته وهو مناط استلزامه المطلوب عند حصول الشرائط وأما اللزوم العائد إلى اعتقاد الناظر في بعض الصور كما إذا اعتقد حقية المقدمات في المثال المذكور فلا نزاع فيه واعترض الإمام بأن عدم حصول الجهل للمحق الناظر في شبهة المبطل يجوز أن يكون بناء على عدم اطلاعه على ما فيها من جهة الاستلزام أو عدم اعتقاده حقية المقدمات كما أن نظر المبطل في دليل المحق لا يستلزم العلم بذلك وما ذكر من كون المحق أولى بالاطلاع إنما هو فيما يفيد الحق والعلم لا الباطل والجهل (قال المبحث الثالث يشترط) للنظر صحيحا كان أو فاسدا بعد شرائط العلم من الحياة والعقل وعدم النوم والغفلة ونحو ذلك أمران أحدهما عدم العلم بالمطلوب إذ لا طلب مع الحصول وثانيهما عدم الجهل المركب به أعني عدم الجزم بنقيضه لأن ذلك يمنعه من الإقدام على الطلب إما لأن النظر يجب أن يكون مقارنا للشك على ما هو رأي أبي هاشم والجهل المركب مقارن للجزم فيتناقضان وإما لأن الجهل المركب صارف عنه كالأكل مع الامتلاء على ما هو رأي الحكماء من أن النظر لا يجب أن يكون مع الشك وإليه ذهب القاضي بل ذهب الأستاذ إلى أن الناظر يمتنع أن يكون شاكا وما ذكرنا مع وجازته أوضح مما قال في المواقف أن شرط النظر مطلقا بعد الحياة أمران الأول وجود العقل والثاني عدم ضده أي ضد النظر فمنه أي من ضده ما هو عام أي ضد للنظر ولكل إدراك كالنوم والغفلة مثلا ومنه ما هو خاص أي ضد للنظر دون الإدراكات وهو العلم بالمطلوب والجهل المركب به فإن قيل الجهل المركب ضد للعلم فانتفاؤه مندرج في شرائط العلم فيكون في عباراتكم استدراك قلنا الجهل المركب بالمط يكون ضدا للعلم به لا للعلم على الإطلاق ليكون انتفاؤه من جملة شرائط العلم وبهذا يظهر أن تفسير الضد العام في عبارة المواقف بما يضاد العلم وجميع الإدراكات كالنوم والغفلة والخاص بما يضاد العلم خاصة كالعلم بالمطلوب والجهل المركب به كلام من قبيل الثاني فإن قيل لو كان النظر مشروطا بعدم العلم بالمطلوب لما جاز النظر في دليل ثان وثالث على مطلوب لحصول العلم به بالدليل الأول أجيب بأن ذلك إنما يشترط حيث يقصد بالنظر طلب العلم أو الظن لكن قد يورد صورة النظر والاستدلال لا لذلك بل لغرض آخر عائد إلى الناظر وهو زيادة الاطمئنان بتعاضد الأدلة أو إلى المتعلم بأن يكون ممن يحصل له استعداد القبول باجتماع الأدلة دون كل واحد أو بهذا الدليل دون ذاك فإن الأذهان مختلفة في قبول اليقين فربما يحصل
(٤٢)