شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٣٨
المحققين من أن من جملة الشرائط ملاحظة جهة دلالة المقدمتين على المطلوب وكيفية اندراجه فيهما بالقوة حتى قال الإمام حجة الإسلام أن هذا هو السبب الخاص لحصول النتيجة بالفعل وبدونه ربما يذهل عن النتيجة مع حضور المقدمتين كما إذا رأى بغلة منتفخة البطن فتوهم أنها حامل مع ملاحظة أنها بغلة عاقر وكل بغلة ولا خفاء في أن مع ملاحظة جهة الإنتاج والتفطن لكيفية الاندراج يتساوى الأشكال في الجلاء حتى ذهب بعض أهل التحقيق إلى أن الكل ح يرجع إلى الشكل الأول بحسب التعقل وإن لم يتمكن من تلخيص العبارة فيه وتمام تحقيقه في شرح الأصول لصاحب المواقف ثم كلام القوم هو أن العلم بكون التفطن للاندراج شرطا للإنتاج ضروري وحديث البغلة تنبيه عليه ومنع الإمام على ما قال أن ذلك إنما يكون عند حصول إحدى المقدمتين فقط وأما عند اجتماعهما فلا نسلم إن كان الشك في النتيجة مكابرة واستدلاله على بطلان ذلك بأن الاندراج لو كان معلوما مغايرا للمقدمتين لكانت مقدمة أخرى مشروطة في الإنتاج فينقل الكلام إلى كيفية التئامها مع الأوليين ويفضي إلى اعتبار ما لا نهاية لها من المقدمات ضعيف لأن ذلك ملاحظة لكيفية نسبة المقدمتين إلى النتيجة لا قضية هي جزء القياس ليكون مقدمة على أنه لو سمى مقدمة أو جعل عبارة عن التصديق يكون الأصغر بعض جزئيات الأوسط التي حكم على جميعها بالأكبر فليس بلازم أن يكون له مع المقدمتين هيئة واندراج شرط العلم بها لتحصل مقدمة رابعة وهلم جرا فإن قيل لا نزاع في أنه لا يكفي حضور المقدمتين كيف اتفق بل لا بد من ترتيبهما على هيئة مخصوصة هي الجزء الصوري بحيث يكون على ضرب من الضروب المنتجة وأنه لا بد مع ذلك في غير الشكل الأول من بيان اللزوم بالخلف أو بالعكس أو نحوهما حتى لو استحضرت المقدمتان في حديث البغلة على هيئة الشكل الرابع لم يمتنع الشك مالم يعكس الترتيب مثلا فما المتنازع في هذا المقام قلنا هو أن حصول العلم بالنتيجة بعد تمام القياس مادة وصورة بمعنى حضور المقدمتين على هيئة مخصوصة منتجة مشروطة بملاحظة تلك الهيئة فيما بين المقدمتين ونسبة النتيجة إليهما وكيفية اندراجها فيهما بالقوة ويكون ذلك في الشكل الأول بمجرد الالتفات وفي البواقي بالاكتساب ويرجع الكل إلى بيان إثبات أو نفي هو الواسطة ملزوم لإثبات أو نفي هو المطلوب على ما هو حقيقة الشكل الأول ويكون طرق البيان لتحصيل هذا الشرط ومن ههنا استدل بعض المتأخرين على هذا الاشتراط بتفاوت الأشكال في الإنتاج وضوحا وخفاء إلا أنه لم يجزم بذلك لأن كون طرق البيان لتحصيل هذا الشرط ليس بقطعي لجواز أن تكون هي نفسها شرائط العلم بلزوم النتائج التي هي لوازم الأشكال يعلم لزوم بعضها بلا واسطة وبعضها بوسط خفي أو أخفى وقد يقرر الاستدلال بأن المقدمتين المعينتين قد يتخذ منهما شكل بين الإنتاج كقولنا
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»